للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ زَادَ عَلَى الْحَدِّ

ــ

[منح الجليل]

ذَوِي الْهَيْئَةِ عُوقِبَ بِالتَّوْبِيخِ، وَلَا يُبْلَغُ بِهِ الْإِهَانَةَ وَالسِّجْنَ، وَإِنْ كَانَ الْقَائِلُ مِنْ غَيْرِ ذَوِي الْهَيْئَةِ، وَالْمَقُولُ لَهُ مِنْ ذَوِي الْهَيْئَةِ عُوقِبَ بِالضَّرْبِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ فِي أَخْبَارِ الْخُلَفَاءِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُعَاقِبُونَ الرَّجُلَ عَلَى قَدْرِهِ وَقَدْرِ جِنَايَتِهِ مِنْهُمْ مَنْ يُضْرَبُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُحْبَسُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُقَامُ وَاقِفًا عَلَى قَدَمَيْهِ فِي تِلْكَ الْمَحَافِلِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تُنْزَعُ عِمَامَتُهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُحَلُّ إزَارُهُ. قُلْت وَمِمَّا جَرَى بِهِ عَمَلُ الْقُضَاةِ مِنْ أَنْوَاعِ التَّعْزِيرِ ضَرْبُ الْقَفَا مُجَرَّدًا عَنْ سَاتِرٍ بِالْأَكُفِّ.

وَيَجُوزُ التَّعْزِيرُ بِالضَّرْبِ بِسَوْطٍ أَوْ غَيْرِهِ إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْحَدِّ أَوْ قَدْرَهُ، بَلْ (وَإِنْ زَادَ) الضَّرْبُ (عَلَى الْحَدِّ) الشَّرْعِيِّ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَهُوَ الْمَشْهُورُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي صِحَّةِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْحَدِّ بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ لِعِظَمِ جُرْمِ الْجَانِي وَمَنْعُهَا قَوْلَانِ لِلْمَشْهُورِ وَغَيْرِهِ لِنَقْلِ الشَّيْخِ رِوَايَةَ مُطَرِّفٍ مَنْ أَخَذَ سَكْرَانَ فِي الْأَسْوَاقِ وَقَدْ آذَى النَّاسَ بِرَمْيٍ أَوْ سَيْفٍ أَرَى أَنْ يُزَادَ فِي عُقُوبَتِهِ فَيُبْلَغُ بِهِ مَعَ الْحَدِّ نَحْوَ الْخَمْسِينَ وَالْمِائَةِ وَالْمِائَتَيْنِ، وَنَقَلَ غَيْرُهُ لَا يُزَادُ عَلَى الْحَدِّ، وَرَوَى مُسْلِمٌ بِسَنَدِهِ لَا يُجْلَدُ فَوْقَ أَسْوَاطٍ إلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى. الْمَازِرِيُّ هَذَا خِلَافُ مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِأَنَّهُ يُجِيزُ فِي الْعُقُوبَاتِ فَوْقَ الْحُدُودِ، لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - ضَرَبَ مَنْ نَقَشَ عَلَى خَاتَمِهِ مِائَةً، وَضَرَبَ ضُبَيْعًا أَكْثَرَ مِنْ الْحَدِّ، وَتَأَوَّلَ أَصْحَابُنَا الْحَدِيثَ عَلَى قَصْرِهِ عَلَى زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ كَانَ يَكْفِي الْجَانِي مِنْهُمْ هَذَا الْقَدْرَ. عِيَاضٌ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ أَخَذَ أَشْهَبُ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ. وَاخْتَلَفَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فِي ذَلِكَ فَالْمَشْهُورُ عَنْهُ وَعَنْهُمْ مَا تَقَدَّمَ، وَعَنْهُ فِي التُّهْمَةِ بِالْخَمْرِ وَالْفَاحِشَةِ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ سَوْطًا وَلَا يُبْلَغُ بِهِ الْحَدَّ، وَمَالَ إلَيْهِ أَصْبَغُ وَنَحْوُهُ لِمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ. قَالَ لَا يَبْلُغُ ضَرْبُ السُّلْطَانِ فِي الْأَدَبِ الْحَدَّ أَبَدًا. وَقَالَ أَشْهَبُ مُؤَدِّبُ الصِّبْيَانِ لَا يَضْرِبُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَسْوَاطٍ، فَإِنْ زَادَ اُقْتُصَّ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ شَاسٍ الْأَبُ يُؤَدِّبُ ابْنَهُ الصَّغِيرَ دُونَ الْكَبِيرِ وَمُعَلِّمُهُ بِإِذْنِهِ. قُلْت لِأَنَّ تَرْكَ تَأْدِيبِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>