. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
أَمْرِهِمْ بِهِ تَكْلِيفٌ بِمَا لَا يُطَاقُ، وَأَشَدُّ مِنْهُ الْإِقَادَةُ مِنْهُمْ وَعَلَى إشْكَالِهِ أَنْشَدَ بَعْضُهُمْ:
أَلْقَاهُ فِي الْبَحْرِ مَكْتُوفًا وَقَالَ لَهُ ... إيَّاكَ إيَّاكَ أَنْ تَبْتَلَّ بِالْمَاءِ
وَتَقْرِيرُهُ الَّذِي زَعَمَ دَفْعَ الْمُنَاقَضَةِ بِهِ وَالْإِشْكَالَ أَصْلُهُ لِشَيْخِهِ دَاوُد، وَهُوَ خِلَافُ إطْلَاقِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَخِلَافُ كَلَامِهِ فِي تَوْضِيحِهِ، قَالَ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَا يَنْتَهِي لِلْقَتْلِ، أَيْ لَا يُؤَدِّبُهُ بِقَتْلِهِ وَيُحْتَمَلُ لَا يَنْتَهِي فِي تَأْدِيبِهِ بِالضَّرْبِ إلَى مَا يُخْشَى مِنْهُ قَتْلُهُ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ فَقَدْ قَالَ مُطَرِّفٌ يَضْرِبُهُ وَإِنْ أَتَى عَلَى النَّفْسِ، وَرُوِيَ مِنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّهُ أَمَرَ بِضَرْبِ شَخْصٍ وُجِدَ مَعَ صَبِيٍّ فِي سَطْحِ الْمَسْجِدِ قَدْ جَرَّدَهُ وَضَمَّهُ إلَى صَدْرِهِ أَرْبَعَمِائَةِ سَوْطٍ فَانْتَفَخَ وَمَاتَ وَلَمْ يَسْتَعْظِمْ ذَلِكَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". اهـ. فَقَدْ اسْتَظْهَرَ جَوَازَ التَّأْدِيبِ مَعَ عَدَمِ ظَنِّ السَّلَامَةِ.
وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِ مُطَرِّفٍ وَإِنْ أَتَى عَلَى النَّفْسِ وَهُوَ قَوْلُهُ فِي مُخْتَصَرِهِ أَوْ أَتَى عَلَى النَّفْسِ وتت مُعْتَرِفٌ بِأَنَّهُ قَوْلُ مُطَرِّفٍ، فَكَيْفَ يُقَيِّدُهُ بِظَنِّ سَلَامَتِهِ
وَقَالَ فِي تَوْضِيحِهِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالتَّعْزِيرُ جَائِزٌ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ، فَإِنْ سَرَى فَعَلَى الْعَاقِلَةِ مَا نَصُّهُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ غَالِبًا فِي الذِّهْنِ، وَفِي هَذَا الشَّرْطِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ أَتَى عَلَى النَّفْسِ وَلِظَاهِرِ الْحِكَايَةِ الْمَنْقُولَةِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَلِأَنَّ الْحَاكِمَ وَغَيْرَهُ إذَا جَازَتْ لَهُ الْعُقُوبَةُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ ضَمَانٌ وَتَضْمِينُهُمْ مَعَ أَمْرِهِمْ بِهِ كَتَكْلِيفٍ بِمَا لَا يُطَاقُ، وَفِي الْإِكْمَالِ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِيمَنْ مَاتَ مِنْ التَّعْزِيرِ فَقَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَقْلُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَقِيلَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَقَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ اهـ كَلَامُ التَّوْضِيحِ. فَأَنْتَ تَرَاهُ اعْتَرَضَ تَقْيِيدَ ابْنِ الْحَاجِبِ الْمَذْكُورَ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ، وَلِذَا حَادَ عَنْهُ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَتَقْرِيرُهُ قَوْلُهُ وَإِلَّا ضَمِنَ مَا سَرَى خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ فِي تَرْتِيبِهِمْ الضَّمَانَ عَلَى فِعْلِهِ مَا يَجُوزُ لَهُ، وَتَقَدَّمَ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَهُوَ نَفْسُ كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ وَالْمُصَنِّفِ، وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ عِنْدَهُ الْجَوَازَ مُطْلَقًا وَإِنْ أَتَى عَلَى النَّفْسِ وَرَتَّبَ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute