للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا نَهَارًا إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا رَاعٍ، وَسُرِّحَتْ بُعْدَ الْمَزَارِعِ، وَإِلَّا: فَعَلَى الرَّاعِي. .

ــ

[منح الجليل]

وَخَوْفِ عَدَمِ تَمَامِهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا خَطَرٌ تَنْقُصُ قِيمَتُهُ بِسَبَبِهِ، وَهَكَذَا عِبَارَةُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِي تَقَوُّمِ مَا يُرْجَى تَمَامُهُ وَيُخَافُ مَا يَطْرَأُ عَلَيْهِ مِنْ الزَّرْعِ وَالثِّمَارِ وَغَيْرِهِمَا كَأُمِّ وَلَدٍ وَمُدَبَّرٍ وَنَحْوِهِمَا، فَفِي رَسْمِ حَلِفٍ لِيَرْفَعَنَّ أَمْرَهُ إلَى السُّلْطَانِ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الزَّرْعِ تَأْكُلُهُ الْمَاشِيَةُ يُقَوَّمُ عَلَى حَالِ مَا يُرْجَى مِنْ تَمَامِهِ وَيُخَافُ مِنْ هَلَاكِهِ لَوْ كَانَ يَحِلُّ بَيْعُهُ. اهـ. وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ، وَنَصُّهُ عَلَى أَرْبَابِهَا قِيمَةُ مَا أَفْسَدَتْ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ أَنْ يَتِمَّ أَوْ لَا يَتِمَّ. ابْنُ رُشْدٍ لَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ تَقْوِيمِهِ إذَا أَيِسَ مِنْ عَوْدِهِ لِهَيْئَتِهِ، وَأَمَّا إنْ رَعَى صَغِيرًا وَرَجَا عَوْدَهُ لِهَيْئَتِهِ فَقَالَ مُطَرِّفٌ لَا يَسْتَأْنِي بِهِ، وَقَالَ سَحْنُونٌ يُسْتَأْنَى بِهِ، وَاخْتُلِفَ إنْ حَكَمَ بِقِيمَتِهِ ثُمَّ عَادَ لِهَيْئَتِهِ فَقَالَ مُطَرِّفٌ مَضَتْ الْقِيمَةُ لِصَاحِبِ الزَّرْعِ وَلَهُ زَرْعُهُ. وَقِيلَ تُرَدُّ كَالْبَصَرِ يَعُودُ، وَاخْتُلِفَ إنْ لَمْ يُقَوَّمْ حَتَّى عَادَ لِهَيْئَتِهِ، فَقَالَ مُطَرِّفٌ تَسْقُطُ الْقِيمَةُ وَيُؤَدَّبُ الْمُفْسِدُ. وَقَالَ أَصْبَغُ لَا تَسْقُطُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ التَّوْضِيحِ أَنَّ الرَّاجِحَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ فِي الْجَمِيعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ.

(لَا) يَضْمَنُ رَبُّهَا مَا أَتْلَفَتْهُ (نَهَارًا إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا) أَيْ الْبَهَائِمِ (رَاعٍ وَ) إنْ (سُرِّحَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا، أَيْ أُطْلِقَتْ لِتَرْعَى (بُعْدَ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ، أَيْ فِي مَحَلٍّ بَعِيدٍ عَنْ (الْمَزَارِعِ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَ مَعَهَا رَاعٍ (فَ) الضَّمَانُ (عَلَى الرَّاعِي) إنْ فَرَّطَ فِي مَنْعِهَا عَنْ الْمَزَارِعِ. ابْنُ رُشْدٍ عَلَى هَذَا حَمَلَ أَهْلُ الْعِلْمِ الْحَدِيثَ، أَيْ الْوَارِدَ فِي «نَاقَةِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - دَخَلَتْ حَائِطَ رَجُلٍ فَأَفْسَدَتْهُ فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَهْلِ الْحَوَائِطِ بِحِفْظِهَا نَهَارًا وَمَا أَفْسَدَتْهُ لَيْلًا فَعَلَى أَرْبَابِهَا» . الْبَاجِيَّ مَا جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ بِإِرْسَالِ مَوَاشِيهِمْ فِيهِ لَيْلًا وَنَهَارًا فَأَحْدَثَ رَجُلٌ فِيهِ زَرْعًا فَلَا ضَمَانَ فِيهِ عَلَى أَهْلِ الْمَوَاشِي لَيْلًا وَلَا نَهَارًا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>