للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِلَا حَجْرٍ.

وَإِحَاطَةِ دَيْنٍ لِغَرِيمِهِ رَدُّهُ أَوْ بَعْضِهِ.

ــ

[منح الجليل]

خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ نَقَلَهُ الْحَطّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبُيُوعِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ مَا نَصُّهُ أَمَّا سَكْرَانُ لَا يَعْرِفُ الْأَرْضَ مِنْ السَّمَاءِ وَلَا الرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ وَأَقْوَالِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ إلَّا مَا ذَهَبَ وَقْتُهُ مِنْ الصَّلَوَاتِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ، بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ. اهـ. وَأَمَّا التَّفْصِيلُ الَّذِي فِي قَوْلِهِ:

لَا يَلْزَمُ السَّكْرَانَ إقْرَارُ عُقُودٍ ... بَلْ مَا جَنَى عِتْقٌ طَلَاقٌ وَحُدُودُ

فَإِنَّمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي السَّكْرَانِ الْمُخْتَلَطِ الَّذِي مَعَهُ ضَرْبٌ مِنْ عَقْلِهِ، قَالَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ وَأَوْلَاهَا بِالصَّوَابِ (بِلَا حَجْرٍ) عَلَى الْمُكَلَّفِ فِي الرَّقِيقِ الَّذِي أَعْتَقَهُ. وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ فِيهِ لَا يَصِحُّ إعْتَاقُهُ، وَلَكِنْ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ، بَلْ فِيهِ تَفْصِيلٌ، فَإِنْ كَانَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ أَوْ رِقٍّ فَلَا يَصِحُّ إعْتَاقُهُ، وَإِنْ كَانَ لِدَيْنٍ أَوْ زَوْجِيَّةٍ أَوْ مَرَضٍ فِيمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهِمَا فَيَصِحُّ، وَيَتَوَقَّفُ لُزُومُهُ عَلَى إجَازَةِ رَبِّ الدَّيْنِ وَالزَّوْجِ وَالْوَارِثِ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ التَّفْصِيلَ فِي الْمَفْهُومِ لَا بَأْسَ بِهِ فَلَا حَاجَةَ لِتَفْسِيرٍ يَصِحُّ بِيَلْزَمُ مَعَ الْبَحْثِ فِيهِ بِأَنَّهُ مَجَازٌ بِلَا قَرِينَةٍ، وَأَنَّهُ يَقْتَضِي لُزُومَ الْكَافِرِ عِتْقُهُ إذْ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِلَا حَجْرٍ، إذْ الصَّحِيحُ خِطَابُهُ بِالْفُرُوعِ مَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ، فَفِي الْعِتْقِ الثَّانِي مِنْهَا وَلَوْ دَخَلَ إلَيْنَا حَرْبِيٌّ بِأَمَانٍ وَكَاتَبَ عَبْدَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ دَبَّرَهُ ثُمَّ أَرَادَ بَيْعَهُ فَذَلِكَ لَهُ، وَكَذَلِكَ النَّصْرَانِيُّ إذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ النَّصْرَانِيَّ ثُمَّ أَرَادَ رَدَّهُ إلَى الرِّقِّ أَوْ بَيْعَهُ فَذَلِكَ لَهُ إلَّا أَنْ يَرْضَى أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ. ابْنُ يُونُسَ لَا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَبَانَهُ عَنْهُ وَنَحْوُهُ فِي جِنَايَاتِهَا اُنْظُرْ الْحَطّ.

(وَ) بِلَا (إحَاطَةِ دَيْنٍ) بِمَالِ الْمُعْتِقِ بِالْكَسْرِ، فَإِنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ (وَ) أَعْتَقَ رَقِيقًا فَ (لِغَرِيمِهِ) أَيْ رَبِّ الدَّيْنِ الْمُحِيطِ بِمَالِهِ (رَدُّهُ) أَيْ الْإِعْتَاقِ وَبِيعَ الرَّقِيقُ فِي الدَّيْنِ إنْ اُسْتُغْرِقَ جَمِيعُهُ (أَوْ) رَدُّ (بَعْضِهِ) إنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْهُ كُلَّهُ كَإِعْتَاقِهِ مَنْ قِيمَتُهُ عِشْرُونَ وَالدَّيْنُ عَشْرَةٌ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ، فَلِرَبِّ الدَّيْنِ رَدُّ إعْتَاقِ نِصْفِهِ وَبَيْعُهُ فِي الدَّيْنِ إنْ وَجَدَ مَنْ يَشْتَرِي نِصْفَهُ وَإِلَّا بِيعَ جَمِيعُهُ، فَفِي التَّوْضِيحِ إنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَشْتَرِيهِ إلَّا كَامِلًا بِيعَ جَمِيعُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>