وَبِلَا مِلْكَ، أَوْ سَبِيلَ لِي عَلَيْك، إلَّا لِجَوَابٍ
وَبِكَوَهَبْت لَك نَفْسَك؛ وَبِكَاسْقِنِي، أَوْ اذْهَبْ؛ أَوْ اُعْزُبْ بِالنِّيَّةِ؛
ــ
[منح الجليل]
حُرٌّ وَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ الْحُرِّيَّةَ فَلَا عِتْقَ لَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ فَلَا يَعْتِقُ أَيْضًا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ دَفَعَ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ ظُلْمًا (وَ) يَحْصُلُ الْإِعْتَاقُ (بِ) قَوْلِهِ لِرَقِيقِهِ (لَا مِلْكَ) لِي عَلَيْك (أَوْ لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك) فِي حَالٍ (إلَّا) أَنْ يَقُولَ لَهُ (لِجَوَابٍ) لَهُ فِي عَدَمِ مُطَاوَعَتِهِ وَعَدَمِ انْقِيَادِهِ لِأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ ابْتِدَاءً لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك أَوْ لَا مِلْكَ لِي عَلَيْهِ عَتَقَ عَلَيْهِ وَإِنْ عُلِمَ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ هُوَ جَوَابُ لِكَلَامٍ قَبْلَهُ صُدِّقَ فِي أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ عِتْقَهُ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ.
(وَ) يَحْصُلُ الْإِعْتَاقُ (بِ) قَوْلِهِ لِرَقِيقِهِ (كَوَهَبْت لَك نَفْسَك) وَأَعْطَيْتُك نَفْسَك. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سَمِعْت مَالِكًا " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " يَقُولُ فِي قَوْلِ الرَّجُلِ لِعَبْدِهِ وَهَبْت لَك نَفْسَك أَنَّهُ حُرٌّ، وَسَأَلْت مَالِكًا عَنْ رَجُلٍ وَهَبَ لِعَبْدِهِ نِصْفَهُ، قَالَ هُوَ حُرٌّ كُلُّهُ (وَ) يَحْصُلُ الْإِعْتَاقُ (بِ) قَوْلِهِ لِرَقِيقِهِ (كَاسْقِنِي) نَاوِيًا بِهِ إعْتَاقًا (أَوْ) قَوْلُهُ (اذْهَبْ) نَاوِيًا بِهِ ذَلِكَ (أَوْ) بِقَوْلِهِ لَهُ (اُعْزُبْ) بِضَمِّ الزَّايِ، أَيْ أَبْعِدْ (بِالنِّيَّةِ) لِلْإِعْتَاقِ بِاسْقِنِي وَمَا بَعْدَهُ وَهِيَ كِنَايَاتٌ خَفِيَّةٌ، وَأَمَّا وَهَبْت لَك نَفْسَك فَكِنَايَةٌ ظَاهِرَةٌ يَحْصُلُ بِهَا الْإِعْتَاقُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ بِهَا كَالصَّرِيحِ فَلَا يَرْجِعُ لَهُ قَوْلُهُ بِالنِّيَّةِ، وَفِي إعَادَتِهِ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ وَبِكَاسْقِنِي إشَارَةٌ إلَى هَذَا. ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَالْكِنَايَةُ وَهَبْتُك لِنَفْسِك وَاذْهَبْ وَاعْزُبْ وَشَرْطُهَا النِّيَّةُ. اهـ. فَظَاهِرُهُمَا اشْتِرَاطُ النِّيَّةِ فِي وَهَبْتُك لِنَفْسِك وَلَيْسَ كَذَلِكَ، حَتَّى قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ لَا يَكَادُ يُوجَدُ، وَحَادَ الْمُصَنِّفُ عَنْ عِبَارَتِهِمَا. الشَّارِحُ مُرَادُهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِهَا فِي وَهَبْتُك، وَلِذَا أَعَادَ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ وَبِكَاسْقِنِي فَقَوْلُهُ بِالنِّيَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِاسْقِنِي وَمَا بَعْدَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَتَحْصِيلُ الصِّيغَةِ أَنَّ مَا لَا يَنْصَرِفُ عَنْ الْعِتْقِ بِالنِّيَّةِ وَلَا غَيْرِهَا صَرِيحٌ، وَمَا يَدُلُّ عَلَى الْعِتْقِ بِذَاتِهِ وَيَنْصَرِفُ عَنْهُ بِالنِّيَّةِ وَنَحْوِهَا كِنَايَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَمَا لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إلَّا بِالنِّيَّةِ كِنَايَةٌ خَفِيَّةٌ فَالْأَوَّلُ كَأَعْتَقْتُك وَأَنْتَ حُرٌّ وَلَا قَرِينَةَ لَفْظِيَّةٌ قَارَنَتْهُ، وَالثَّانِي كَقَوْلِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute