للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا لِأَجَلٍ، وَإِحْدَاكُمَا، فَلَهُ الِاخْتِيَارُ.

ــ

[منح الجليل]

الْعِتْقِ، بِخِلَافِ قَوْلِ السَّيِّدِ لَهُ اُدْخُلْ الدَّارَ مُرِيدًا بِهِ عِتْقَهُ، فَإِنَّ الْعِتْقَ يَلْزَمُ فَالْعَبْدُ فِي هَذَا كَالْمَرْأَةِ تَقُولُ أَنَا أَدْخُلُ بَيْتِي فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا إنَّهَا أَرَادَتْ بِهِ الطَّلَاقَ. ابْنُ الْقَاسِمِ الْقَوْلُ فِيمَنْ مَلَّكَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ الْعِتْقَ كَالْقَوْلِ فِي تَمْلِيكِ الزَّوْجَةِ الطَّلَاقَ فِي أَنَّ ذَلِكَ فِي يَدِ الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا عَنْ الْمَجْلِسِ أَوْ يَطُلْ. الْبُنَانِيُّ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَجَوَابِهِ كَالطَّلَاقِ إلَى قَوْلِهِ فِيهِ، أَوْ قَالَ: يَا حَفْصَةُ فَأَجَابَتْهُ عَمْرَةُ فَطَلَّقَهَا فَالْمَدْعُوَّةُ وَفِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ مَنْصُوصَةٍ فِيمَنْ قَالَ يَا مَرْزُوقُ فَأَجَابَهُ رَبَاحٌ فَقَالَ لَهُ أَنْتَ حُرٌّ فَقِيلَ يَعْتِقَانِ. وَقِيلَ: لَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا. وَقِيلَ يَعْتِقُ الْمَدْعُوُّ فَقَطْ، وَقِيلَ يُعْتَقُ الْمُجِيبُ فَقَطْ وَخَرَّجُوهَا فِي الطَّلَاقِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَاسْتُثْنِيَ مِنْ تَشْبِيهِ الْعِتْقِ بِالطَّلَاقِ فَقَالَ (إلَّا) الْعِتْقَ (لِأَجَلٍ) كَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ سَنَةٍ فَلَيْسَ كَالطَّلَاقِ لِأَجَلٍ كَأَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ عَامٍ فِي التَّنْجِيزِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ فَلَا يُنَجَّزُ الْعِتْقُ، وَيَبْقَى الرَّقِيقُ عَلَى حُكْمِ رِقِّهِ فِي خِدْمَتِهِ لَا فِي وَطْئِهِ إنْ كَانَ أَمَةً إلَى تَمَامِ الْأَجَلِ فَيُنَجَّزُ عِتْقُهُ. فِيهَا الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ أَعْتَقَ إلَى أَجَلٍ آتٍ لَا بُدَّ مِنْهُ فَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِمَنْ أَعْتَقَهُ بِالْخِدْمَةِ لِذَلِكَ الْأَجَلِ، لَكِنْ يُمْنَعُ مِنْ الْبَيْعِ وَالْوَطْءِ (وَإِلَّا) فِي قَوْلِهِ لِأَمَتَيْهِ (إحْدَاكُمَا) حُرَّةٌ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فِي عِتْقِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِعَيْنِهَا (فَلَهُ) أَيْ السَّيِّدِ (الِاخْتِيَارُ) لِأَمَةٍ مِنْهُمَا لِلْعِتْقِ وَالْأُخْرَى لِلْبَقَاءِ عَلَى الرِّقِّيَّةِ عِنْدَ الْمِصْرِيِّينَ مِنْ أَئِمَّتِنَا الْمَالِكِيِّينَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، بِخِلَافِ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَتَطْلُقَانِ مَعًا وَلَا اخْتِيَارَ لَهُ، وَجَعَلَ لَهُ الْمَدَنِيُّونَ مِنْ أَئِمَّتِنَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - الِاخْتِيَارَ فِي الطَّلَاقِ كَالْعِتْقِ، وَفَرَّقَ ابْنُ الْمَوَّازِ بِأَنَّ الْعِتْقَ يَتَبَعَّضُ وَيُجْمَعُ بِالسَّهْمِ فِي إحْدَاهُمَا، بِخِلَافِ الطَّلَاقِ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ حَلَفَ بِطَلَاقِ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ فَحَنِثَ فَإِنْ كَانَ نَوَى وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً طَلُقَتْ الَّتِي نَوَى خَاصَّةً وَهُوَ مُصَدَّقٌ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ طَلُقَتَا جَمِيعًا. ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ قَالَ رَأْسٌ مِنْ رَقِيقِي حُرٌّ وَلَمْ يَنْوِ وَاحِدًا بِعَيْنِهِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي عِتْقِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ لِعَبْدَيْهِ أَحَدُكُمَا حُرٌّ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>