للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقُدِّمَ فَرْضٌ خِيفَ فَوَاتُهُ، ثُمَّ كُسُوفٌ

ثُمَّ عِيدٌ وَأُخِّرَ الِاسْتِسْقَاءُ لِيَوْمٍ آخَرَ

ــ

[منح الجليل]

أُتِمَّتْ بِصِفَتِهَا لِإِدْرَاكِ الْوَقْتِ بِرَكْعَةٍ، وَإِلَّا أُتِمَّتْ كَالنَّوَافِلِ عَلَى الظَّاهِرِ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ.

(وَقُدِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا وُجُوبًا عَلَى صَلَاةِ الْكُسُوفِ (فَرْضٌ خِيفَ فَوَاتُهُ) كَقِتَالِ عَدُوٍّ فَجَاءُوا لِإِنْقَاذِ أَعْمَى أَوْ غَيْرِ مُمَيِّزٍ مِنْ هَلَاكِهِ، وَجِنَازَةٍ خِيفَ تَغَيُّرُهَا فَلَا يُقَالُ وَقْتُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ لَيْسَ وَقْتَ صَلَاةِ فَرْضٍ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ تَزَاحُمُهُمَا.

(ثُمَّ) قُدِّمَ (كُسُوفٌ) عَلَى صَلَاةِ عِيدِ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى نَدْبًا لِئَلَّا تَنْجَلِيَ الشَّمْسُ قَبْلَ الزَّوَالِ فَتَفُوتُ سُنَّةُ الْكُسُوفِ وَوَقْتُ الْعِيدِ مُحَقَّقُ الْبَقَاءِ إلَى الزَّوَالِ فَيُؤَخَّرُ، وَإِنْ كَانَ أَوْكَدَ وَاسْتُشْكِلَ اجْتِمَاعُ الْعِيدِ وَالْكُسُوفِ فِي يَوْمٍ؛ لِأَنَّ الْكُسُوفَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ الشَّهْرِ وَعِيدُ الْفِطْرِ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْهُ وَبَيْنَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ فِيهِ مَنْزِلَةٌ تَامَّةٌ ثَلَاثَ عَشْرَةَ دَرَجَةً وَعِيدُ الْأَضْحَى عَاشِرُهُ وَبَيْنَهُمَا عَشَرُ مَنَازِلَ نَحْوُ مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ دَرَجَةً وَسَبَبُ الْكُسُوفِ حَيْلُولَةُ الْقَمَرِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الشَّمْسِ، فَلَا يُمْكِنُ إلَّا حَالَ اجْتِمَاعِهِمَا بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ. وَذَلِكَ فِي الْيَوْمِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ. هَذَا كَلَامُ أَهْلِ الْهَيْئَةِ. وَرَدَّ ابْنُ الْعَرَبِيِّ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَخْلُقُ الْكُسُوفَ فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ؛ لِأَنَّهُ فَاعِلٌ مُخْتَارٌ فَيَتَصَرَّفُ بِمَا يُرِيدُ. وَفِي حَاشِيَةِ الرِّسَالَةِ لِلْحَطِّ أَنَّ الرَّافِعِيَّ قَالَ إنَّ الشَّمْسَ كُسِفَتْ يَوْمَ مَوْتِ الْحُسَيْنِ، وَكَانَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ. وَوَرَدَ أَنَّهَا كُسِفَتْ يَوْمَ مَاتَ إبْرَاهِيمُ وَلَدُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ مَوْتُهُ فِي الْعَاشِرِ مِنْ الشَّهْرِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ. وَقِيلَ فِي رَابِعِهِ، وَقِيلَ فِي رَابِعِ عَشَرِهِ. وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ مُبْطِلٌ لِكَلَامِ أَهْلِ الْهَيْئَةِ.

(ثُمَّ) قُدِّمَ (عِيدٌ) عَلَى اسْتِسْقَاءٍ؛ لِأَنَّهُ أَوْكَدُ مِنْهُ (وَأُخِّرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ، وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مُشَدَّدَةً نَائِبُ فَاعِلِهِ (الِاسْتِسْقَاءُ) أَيْ صَلَاتُهُ عَنْ الْعِيدِ نَدْبًا (لِيَوْمٍ آخَرَ) ؛ لِأَنَّ يَوْمَ الْعِيدِ يَوْمُ تَجَمُّلٍ، وَإِظْهَارِ زِينَةٍ، وَالِاسْتِسْقَاءُ يَكُونُ فِي ثِيَابِ الْمِهْنَةِ إنْ لَمْ يُضْطَرَّ، وَإِلَّا فُعِلَ مَعَ الْعِيدِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ. فَلَوْ اجْتَمَعَ الِاسْتِسْقَاءُ وَالْكُسُوفُ قُدِّمَ الْكُسُوفُ لِئَلَّا يَفُوتَ بِالِانْجِلَاءِ وَيُصَلَّى الِاسْتِسْقَاءُ بَعْدَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>