للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَلْ بِتَوْبَةٍ، وَرَدِّ تَبِعَةٍ

وَجَازَ تَنَفُّلٌ: قَبْلَهَا، وَبَعْدَهَا.

وَاخْتَارَ إقَامَةَ غَيْرِ الْمُحْتَاجِ بِمَحَلِّهِ لِمُحْتَاجٍ. قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ.

ــ

[منح الجليل]

بَلْ) يَأْمُرُهُمْ (بِتَوْبَةٍ) أَيْ إقْلَاعٍ عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَتَنْدَمُ عَلَيْهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا مَعْصِيَةً وَعَزَمَ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ إلَيْهَا، وَإِنْ عَادَ فَلَا تُنْتَقَضُ، وَيَجِبُ تَجْدِيدُ التَّوْبَةِ (وَ) بِ (رَدِّ تَبِعَةٍ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ، وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ مَظْلَمَةٌ مَوْجُودَةٍ بِعَيْنِهَا إلَى أَهْلِهَا، وَهَذَا تَضَمَّنَتْهُ التَّوْبَةُ وَإِلَّا عَدَمُ الْإِقْلَاعِ الَّذِي هُوَ رُكْنُهَا. فَإِنْ فَاتَتْ عَيْنُهَا فَرَدُّ عِوَضِهَا وَاجِبٌ مُسْتَقِلٌّ لَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ التَّوْبَةِ عَلَيْهِ لِصِحَّتِهَا مِنْ بَعْضِ الذُّنُوبِ وَتَوْبَةُ الْكَافِرِ مِنْ الْكُفْرِ بِالْإِيمَانِ مَقْبُولَةٌ قَطْعًا. وَتَوْبَةُ الْمُؤْمِنِ الْعَاصِي مَقْبُولَةٌ ظَنًّا عَلَى التَّحْقِيقِ. وَقِيلَ قَطْعًا. وَعَلَى كُلٍّ إذَا أَذْنَبَ بَعْدَهَا لَا تَعُودُ ذُنُوبُهُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورُ عَدَمُ قَبُولِ التَّوْبَةِ مِنْ الْكُفْرِ وَالْمَعْصِيَةِ عِنْدَ الْغَرْغَرَةِ وَعِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا. وَقِيلَ تُقْبَلُ تَوْبَةُ الْمُؤْمِنِ عِنْدَهُمَا دُونَ الْكَافِرِ.

(وَجَازَ تَنَفُّلٌ قَبْلَهَا) أَيْ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ (وَبَعْدَهَا) وَلَوْ بِالْمُصَلَّى. وَفَرَّقَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِيدِ بِأَنَّهُ نُسُكٌ مَخْصُوصٌ بِيَوْمِهِ وَبِمَحَلِّهِ شَعِيرَةٌ مِنْ شَعَائِرِ الدِّينِ فَكَانَ اخْتِصَاصُ مَحَلِّهَا بِهَا فِي يَوْمِهَا مِنْ خُصُوصِ حُكْمِهَا. وَالِاسْتِسْقَاءُ إنَّمَا قَصَدَ الْإِقْلَاعَ عَنْ الْخَطَايَا وَالِاسْتِغْفَارَ وَالْإِقْبَالَ عَلَى التَّقْوَى وَالْإِكْثَارَ مِنْ فِعْلِ الْخَيْرِ. وَلِذَا اُسْتُحِبَّ فِيهِ الْعِتْقُ وَالصَّوْمُ وَالصَّدَقَةُ وَالتَّذَلُّلُ وَالْخُشُوعُ وَالدُّعَاءُ فَكَانَ التَّنَفُّلُ بِهِ أَلْيَقَ وَأَحْسَنَ.

(وَاخْتَارَ) اللَّخْمِيُّ مِنْ نَفْسِهِ (إقَامَةَ) أَيْ صَلَاةِ (غَيْرِ الْمُحْتَاجِ) لِلْمَاءِ لِلِاسْتِسْقَاءِ، وَهُوَ بِمَحَلِّهِ نَدْبًا (لِلْمُحْتَاجِ) لِلْمَاءِ لِزَرْعٍ أَوْ شُرْبٍ وَلَوْ بَعُدَ مَكَانُهُ؛ لِأَنَّهُ تَعَاوُنٌ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى. (قَالَ) الْمَازِرِيُّ مِنْ نَفْسِهِ (وَفِيهِ) أَيْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ (نَظَرٌ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ السَّلَفُ وَلَوْ فَعَلُوهُ لَنُقِلَ إلَيْنَا فَالْوَجْهُ كَرَاهَةُ صَلَاةِ غَيْرِ الْمُحْتَاجِ لِلْمُحْتَاجِ وَيَدْعُو لَهُ كَمَا تُفِيدُهُ السُّنَّةُ الْمُطَهَّرَةُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>