للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَغُسِلَ كَالْجَنَابَةِ تَعَبُّدًا بِلَا نِيَّةٍ

، وَقُدِّمَ الزَّوْجَانِ

ــ

[منح الجليل]

عَنْهُ وَصْفٌ مِنْهَا عج لَا يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ مَنْ خُشِيَ تَقَطُّعُ جَسَدِهِ بِغُسْلِهِ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَا يُغَسَّلُ لِقِيَامِ تَيَمُّمِهِ مَقَامَ غُسْلِهِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَيَمُّمُهُ أَيْضًا فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، لِقَوْلِهِ وَتَلَازَمَا وَعَلَى هَذَا مُعْظَمُ أَشْيَاخِي وَنَحْوُهُ لِلشَّارِحِ. وَقِيلَ يُصَلَّى عَلَيْهِ الْبُنَانِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ تَلَازُمُهُمَا فِي الطَّلَبِ. بِمَعْنَى أَنَّ كُلَّ مَنْ طُلِبَ غُسْلُهُ طُلِبَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَعَكْسُهُ، وَمَنْ تَعَذَّرَ غُسْلُهُ وَتَيَمُّمُهُ لِمَا ذُكِرَ فَغُسْلُهُ مَطْلُوبٌ ابْتِدَاءً، لَكِنْ سَقَطَ لِتَعَذُّرِهِ فَلَا تَسْقُطُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ. وَأَمَّا مَنْ فُقِدَ مِنْهُ شَرْطٌ فَلَا يُطْلَبُ غُسْلُهُ ابْتِدَاءً، وَكَذَا الصَّلَاةُ عَلَيْهِ. وَبِهَذَا قَرَّرَ مُصْطَفَى.

(وَغُسِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْمَيِّتُ (كَ) غُسْلِ (الْجَنَابَةِ) فِي الْإِجْزَاءِ وَالْكَمَالِ إلَّا مَا اخْتَصَّ بِالْمَيِّتِ مِنْ تَكْرِيرِ الْغُسْلِ وَالسِّدْرِ وَغَيْرِهِمَا حَالَ كَوْنِ غُسْلِهِ (تَعَبُّدًا) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ مُشَدَّدَةً أَيْ مُتَعَبَّدًا بِهِ أَيْ مَأْمُورًا بِهِ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ أَيْ حِكْمَةٍ أَصْلًا. هَذَا مَذْهَبُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ. أَوْ مِنْ غَيْرِ اطِّلَاعٍ عَلَى عِلَّتِهِ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَكْثَرِ الْأُصُولِيِّينَ. وَهَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ أَفْعَالَ اللَّهِ تَعَالَى وَأَحْكَامَهُ هَلْ يَجُوزُ خُلُوُّهَا عَنْ الْحُكْمِ أَوْ لَا؟ وَكَوْنُهُ تَعَبُّدًا. قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ مُعَلِّلٌ بِالنَّظَافَةِ وَيَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ غُسْلُ الْمُسْلِمِ أَبَاهُ الْكَافِرَ، مَثَلًا هَلْ يَجُوزُ؟ . فَعَلَى الْأَوَّلِ يَجُوزُ وَيَجُوزُ عَلَى الثَّانِي حَالَ كَوْنِهِ (بِلَا نِيَّةٍ) ؛ لِأَنَّهُ تَعَبُّدٌ فِي الْغَيْرِ وَلِذَا صَحَّ مِنْ الذِّمِّيَّةِ.

(وَقُدِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا وَنَائِبُ فَاعِلِهِ (الزَّوْجَانِ) أَيْ الْحَيُّ مِنْهُمَا فِي تَغْسِيلِ الْمَيِّتِ مِنْهُمَا عَلَى قَرِيبِهِ. وَلَوْ أَوْصَى الْمَيِّتُ بِخِلَافِهِ فَإِنْ كَانَ الْحَيُّ أَكْثَرَ مِنْ زَوْجَةٍ اشْتَرَكْنَ فِي تَغْسِيلِ زَوْجِهِنَّ وَيُقَدَّمُ الزَّوْجُ فِي إنْزَالِ زَوْجَتِهِ قَبْرَهَا، وَإِلْحَادِهَا عَلَى عَصَبَتِهَا لَا يَدْفِنُهَا فِي تُرْبَتِهِ حَيْثُ طَلَبَ عَصَبَتُهَا دَفْنَهَا فِي تُرْبَتِهِمْ ابْنُ عَرَفَةَ سُئِلَتْ عَمَّنْ مَاتَتْ، وَأَرَادَ زَوْجُهَا دَفْنَهَا بِمَقْبَرَتِهِ وَعَصَبَتُهَا دَفْنَهَا بِمَقْبَرَتِهِمْ فَأَجَبْت بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ عَصَبَتِهَا، أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْبَدْوِيَّةِ الَّتِي طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ زَوْجُهَا وَانْتَقَلَ أَهْلُهَا فَقَطْ، فَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ مَعَهُمْ لِعَدَمِ النَّصِّ فِيهَا. وَنَسَبَهُ الْعَبْدُوسِيُّ وَابْنُ غَازِيٍّ لِلْقُصُورِ فَإِنَّهَا مَنْصُوصَةٌ. كَذَلِكَ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ مِنْ الِاسْتِغْنَاءِ لِابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَلَا تُقَدَّمُ الزَّوْجَةُ فِي دَفْنِ زَوْجِهَا عَلَى عَصَبَتِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>