وَإِنْ وَطِئَاهَا بِطُهْرٍ، فَالْقَافَةُ، وَلَوْ كَانَ ذِمِّيًّا، أَوْ عَبْدًا،
ــ
[منح الجليل]
حِصَّتِهِ فِيمَا لَهُ مِنْ قِيمَتِهَا، فَإِنْ نَقَصَ اُتُّبِعَ الْوَاطِئُ بِالْبَاقِي. ابْنُ عَرَفَةَ إنْ كَانَ الْوَاطِئُ مُعْسِرًا فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " هِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِلْوَاطِئِ وَيُتْبَعُ بِالْقِيمَةِ دَيْنًا ثُمَّ رَجَعَ إلَى تَخْيِيرِ شَرِيكِهِ فِي تَمَاسُكِهِ بِنَصِيبِهِ مِنْ الْأَمَةِ مَعَ اتِّبَاعِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ.
وَفِي تَقْوِيمِ نِصْفِهَا وَنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَيُبَاعُ لَهُ نِصْفُهَا فَقَطْ فِيمَا لَزِمَهُ، وَلِذَا قَالَ " ح " تَرَكَ الْمُصَنِّفُ التَّصْرِيحَ بِالتَّخْيِيرِ الْأَوَّلِ وَذَكَرَ مَا يَتَفَرَّعُ عَلَى أَحَدِ شِقَّيْهِ الَّذِي هُوَ اخْتِيَارُ التَّقْوِيمِ، وَأَمَّا الشِّقُّ الْآخَرُ الَّذِي هُوَ إبْقَاؤُهَا لِلشَّرِكَةِ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْمُصَنِّفُ وَلَا لِمَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ، وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ كَابْنِ الْحَاجِبِ اغْتَنَيَا عَنْ التَّمَاسُكِ لِفَهْمِهِ مِنْ بَيْعِ نِصْفِهَا؛ إذْ الْبَيْعُ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّهُ مِلْكٌ فَلَهُ التَّمَاسُكُ بِهِ لَا أَنَّهُ بِحُكْمِ أُمِّ الْوَلَدِ كَمَا فِي الْيَسَارِ، وَيُبَاعُ نِصْفُهَا فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا فَقَطْ لَا فِي نِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ، وَلَا تُبَاعُ إلَّا بَعْدَ الْوَضْعِ. وَإِذَا تَمَاسَكَ بِالنِّصْفِ أَوْ بِيعَ لَهُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: يُعْتَقُ عَلَى الْوَاطِئِ النِّصْفُ الَّذِي بَقِيَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا مُتْعَةَ لَهُ فِيهِ، وَرَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا أَنَّ نَصِيبَ الْوَاطِئِ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ، وَيُوقَفُ لَعَلَّهُ يَمْلِكُ بَاقِيَهَا فَيَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا. ابْنُ الْمَوَّازِ وَهَذَا أَصْوَبُ.
الثَّانِي عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ كَعِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ تَقْتَضِي أَنَّ لَلشَّرِيكِ إبْقَاءَهَا لِلشَّرِكَةِ. وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ بَعْدَ تَقْرِيرِهِ عِبَارَةَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ.
وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَوَّلًا: هِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِلْوَاطِئِ، وَيُتْبَعُ بِالْقِيمَةِ دَيْنًا كَالْمُوسِرِ. وَقِيلَ: الشَّرِيكُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَتَمَاسَكَ بِنِصْفِهِ مُقَابِلًا لِلْمَشْهُورِ مَعَ أَنَّهُ هُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّهُ، وَقَدْ اعْتَمَدَ ابْنُ مَرْزُوقٍ هَذَا الْقَوْلَ وَتَبِعَهُ عج وَقَرَّرَ بِهِ " ز " وَاعْتَمَدَهُ طفي، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى مَا فِي ضَيْح، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَإِنْ وَطِئَاهَا) أَيْ الشَّرِيكَانِ أَمَتَهُمَا حُرَّيْنِ كَانَا أَوْ رِقَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ (بِطُهْرٍ) وَاحِدٍ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْئِهِمَا وَادَّعَاهُ كُلٌّ مِنْهُمَا (فَالْقَافَةُ) بِقَافٍ ثُمَّ فَاءٍ جَمْعُ قَائِفٍ وَهُوَ الذَّاتُ الَّتِي خَصَّهَا اللَّهُ تَعَالَى بِمَعْرِفَةِ النَّسَبِ بِالشَّبَهِ تَنْظُرُهُ وَالشَّرِيكَيْنِ لِتُلْحِقَهُ بِأَحَدِهِمَا أَوْ بِهِمَا إنْ كَانَا حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ، بَلْ (وَلَوْ كَانَ) أَحَدُهُمَا (عَبْدًا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute