للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلِمَسْجِدٍ، وَصُرِفَ فِي مَصَالِحِهِ

ــ

[منح الجليل]

أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْإِيصَاءُ لِلْمُكَاتَبِ إلَّا إذَا كَانَ مَلِيًّا قَادِرًا عَلَى الْأَدَاءِ. ابْنُ عَرَفَةَ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ تَجُوزُ لِمُكَاتَبِ وَارِثِهِ بِالتَّافِهِ لَا بِالْكَثِيرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَلِيًّا قَادِرًا عَلَى الْأَدَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ إلَّا بِهَا، وَهُوَ أَفْضَلُ لِسَيِّدِهِ فَلَا تَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ عَجْزُهُ أَفْضَلَ لَهُ جَازَتْ اللَّخْمِيُّ جَوَازُهَا مُطْلَقًا أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا خُرُوجُ الْمُكَاتَبِ مِنْ الرِّقِّ، وَأَمَّا الْمُدَبَّرُ فَلَا تَجُوزُ لَهُ بِالْكَثِيرِ وَإِنْ مَرِضَ سَيِّدُهُ كَأُمِّ الْوَلَدِ.

الثَّانِي: جَعَلَ الشَّارِحُ لِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِعَبْدِ وَارِثِهِ الْمُتَعَدِّدِ شَرْطَيْنِ: أَنْ يَكُونَ تَافِهًا، وَأَنْ يُرَادَ بِهِ الْعَبْدُ، فَقَالَ الْبِسَاطِيُّ جَعَلَ الشَّارِحُ قَوْلَهُ أَوْ بِتَافِهٍ قَسِيمًا لِقَوْلِهِ أُرِيدَ بِهِ الْعَبْدُ، وَلَمْ أَرَ لَهُ سَنَدًا فِي ذَلِكَ وَلَا مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. طفي اعْتِرَاضُ الْبِسَاطِيِّ صَحِيحٌ؛ إذْ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: أُرِيدَ بِهِ الْعَبْدُ مَا شَأْنُهُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْعَبْدُ لَا أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ الْعَبْدَ؛ وَلِذَا حَادَ تت عَنْ جَعْلِهِ شَرْطًا. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِعَبْدِ وَارِثِهِ إلَّا بِالتَّافِهِ كَالثَّوْبِ وَنَحْوِهِ مَا يُرِيدُ بِهِ نَاحِيَةَ الْعَبْدِ لَا نَفْعَ سَيِّدِهِ كَعَبْدِ خِدْمَةٍ وَنَحْوِهِ اهـ. وَإِنْ قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ: هُوَ تَقْيِيدٌ حَسَنٌ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ تَافِهًا أُرِيدَ بِهِ السَّيِّدُ فَلَا يَجُوزُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ مِمَّا يُرَادُ بِهِ نَاحِيَةُ الْعَبْدِ وَاعْتَمَدَ " ج " كَلَامَ ابْنِ مَرْزُوقٍ فَجَعَلَهُ قَيْدًا ثَانِيًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَ) صَحَّ الْإِيصَاءُ (لِمَسْجِدٍ) نَكَّرَهُ لِيَعُمَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَغَيْرَهُ مِنْ الْمَسَاجِدِ. الشَّارِحُ لَمَّا كَانَ هَذَا كَالْمُنَاقِضِ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا لِمَنْ يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ وَكَانَ الْمَسْجِدُ لَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِيهِ قَالَ (وَصُرِفَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (لِمُوصًى بِهِ فِي مَصَالِحِهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ كَوُقُودِهِ وَعِمَارَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودُ النَّاسِ بِالْوَصِيَّةِ لَهُ، وَلَوْ أَدْخَلَ الْكَافَ عَلَى مَسْجِدٍ لِيَشْمَلَ كَلَامُهُ الرِّبَاطَ وَالسُّورَ وَالْقَنْطَرَةَ لَكَانَ أَحْسَنَ. ابْنُ رُشْدٍ الْوَاجِبُ تَقْدِيمُ بُنْيَانِ الْمَسْجِدِ وَرَمِّهِ عَلَى أَجْرِ أَئِمَّتِهِ وَقَوَمَتِهِ.

ابْنُ الْحَاجِبِ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِلْمَسْجِدِ وَالْقَنْطَرَةِ وَشَبَهِهِمَا لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الصَّرْفِ فِي مَصَالِحِهِمَا.

عب لَعَلَّ قَوْلَهُ وَصُرِفَ فِي مَصَالِحِهِ إذَا اقْتَضَى الْعُرْفُ ذَلِكَ فَإِنْ اقْتَضَى أَنَّ الْقَصْدَ الصَّرْفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>