وَلِاثْنَيْنِ حُمِلَ عَلَى التَّعَاوُنِ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا
ــ
[منح الجليل]
وَأَشْهَبُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - إذَا كَانَ الْوَرَثَةُ أَصَاغِرَ وَأَكَابِرَ فَلَيْسَ لَهُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ حَتَّى يَحْضُرَ الْأَكَابِرُ.
ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ غَابُوا بِأَرْضٍ بَعِيدَةٍ، وَالتَّرِكَةُ حَيَوَانٌ وَرَقِيقٌ وَعَرَضٌ فَلَهُ بَيْعُ ذَلِكَ، وَيَرْفَعُ إلَى الْإِمَامِ لِيَأْمُرَ مَنْ يَبِيعُ عَلَى الْغَائِبِ. أَشْهَبُ إنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُمْ، وَلَمْ يَخْشَ تَغْيِيرَ شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ كَاتَبَهُمْ بِبَيْعِ مَا يَخَافُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ بَيْعُهُ أَفْضَلَ لِلْجَمِيعِ، وَإِنْ شَاءَ قَسَمَهُ وَمَنْ تَلِفَ حَقُّهُ كَانَ مِنْهُ، وَفِي الْقَسْمِ مِنْهَا لَا يَقْسِمُ الْوَصِيُّ عَلَى الْأَصَاغِرِ حَتَّى يَرْفَعَ إلَى الْإِمَامِ وَيَرَاهُ نَظَرٌ، أَوْ إنْ كَانَ مَعَهُمْ أَكَابِرُ أَحْبَبْت لَهُ أَنْ يَرْفَعَ إلَى الْإِمَامِ فَإِنْ قَاسَمَ الْكِبَارَ وَصِيُّ الْأَصَاغِرِ دُونَ الْإِمَامِ جَازَ إذَا اجْتَهَدَ، وَإِنْ غَابَ أَحَدُ الْكِبَارِ لَمْ تَجُزْ قِسْمَةُ الْوَصِيِّ عَلَيْهِ وَلَا يَقْسِمُ لِغَائِبٍ إلَّا الْإِمَامُ، وَيُوَكِّلُ بِذَلِكَ، وَيَجْعَلُ مَا صَارَ لَهُمْ بِيَدِ أَمِينٍ.
(وَ) إنْ أَوْصَى الْأَبُ أَوْ وَصِيُّهُ عَلَى مَحْجُورِهِ (لِاثْنَيْنِ) بِلَفْظٍ وَاحِدٍ أَوْ بِلَفْظَيْنِ فِي وَقْتٍ أَوْ وَقْتَيْنِ، وَأَطْلَقَ إيصَاءَهُ لَهُمَا، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِاسْتِقْلَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالتَّصَرُّفِ لَهُ، وَلَا بِتَعَاوُنِهِمَا عَلَيْهِ (حُمِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ إيصَاؤُهُ (عَلَى) قَصْدِ (التَّعَاوُنِ) مِنْهُمَا عَلَى التَّصَرُّفِ لَهُ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِاسْتِقْلَالُ بِهِ إلَّا بِتَوْكِيلٍ مِنْ صَاحِبِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ أَوْصَى إلَى وَصِيَّيْنِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا بَيْعٌ وَلَا شِرَاءٌ وَلَا إنْكَاحٌ وَلَا غَيْرُهَا دُونَ صَاحِبِهِ إلَّا أَنْ يُوَكِّلَهُ. قُلْت سَوَاءٌ أَوْصَى لَهُمَا عَلَى سَبِيلِ الْمَعِيَّةِ وَالشَّرِكَةِ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي زَمَانَيْنِ وَالْأَمْرُ فِي هَذَا جَلِيٌّ، وَكَذَا لَوْ أَوْصَى إلَى أَحَدِهِمَا أَوَّلًا، ثُمَّ أَوْصَى إلَى الْآخَرِ ثَانِيًا، كَقَوْلِهَا فَمَنْ أَوْصَى بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ لِزَيْدٍ ثُمَّ أَوْصَى بِهِ لِعَمْرٍو أَنَّهُ بَيْنَهُمَا، وَقَوْلُهَا إلَّا أَنْ يُوَكِّلَهُ مِثْلُهُ لِلشَّيْخِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَزَادَ إلَّا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ الشَّيْءِ التَّافِهِ مِثْلَ الطَّعَامِ، وَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِمَّا يَضُرُّ بِهِمْ تَأْخِيرُهُ فَهُوَ خَفِيفٌ إذَا غَابَ الْآخَرُ وَأَبْطَأَ.
(فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْوَصِيَّيْنِ الْمُتَعَاوِنَيْنِ دُونَ إيصَاءٍ فَالْحَاكِمُ يَنْظُرُ فِي إقْرَارِ الْآخَرِ وَحْدَهُ أَوْ إقَامَةِ آخَرَ مَعَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ إنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا اسْتَقَلَّ الْآخَرُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ظَاهِرُهُ اسْتِقْلَالُ الثَّانِي وَهُوَ بَعِيدٌ فِي الْفِقْهِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَقِلَّ إلَّا أَنْ يَرَى الْقَاضِي ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute