فَإِنْ بَالَ مِنْ وَاحِدٍ،
ــ
[منح الجليل]
فَإِنْ بَالَ) الْخُنْثَى (مِنْ وَاحِدٍ) مِنْ فَرْجَيْهِ دُونَ الْآخَرِ حُكِمَ لَهُ بِحُكْمِ الذَّكَرِ إنْ بَالَ مِنْ آلَةِ الذُّكُورِ وَبِحُكْمِ الْأُنْثَى إنْ بَالَ مِنْ آلَةِ الْأُنْثَى، وَحُكِيَ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - عَلَى هَذَا الْحَطّ.
الثَّانِي عَشَرَ: مِنْ أَوْجُهِ الْكَلَامِ عَلَى الْخُنْثَى فِي الْعَلَامَاتِ الَّتِي يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى ذُكُورَتِهِ أَوْ أُنُوثَتِهِ وَكَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ كَمَا فَعَلَ غَالِبُ الْفَرْضِيِّينَ، لَكِنْ تَبِعْنَا الْمُصَنِّفَ فِي تَأْخِيرِهِ قِيلَ لِيَتَحَقَّقَ حُسْنُ الْخِتَامِ بِقَوْلِهِ فَلَا إشْكَالَ. شَيْخُ مَشَايِخِنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَمِيرُ هَذِهِ نُكْتَةٌ لَفْظِيَّةٌ وَهِيَ أَضْعَفُ مِنْ الْمَعْنَوِيَّةِ، فَالْوَجْهُ أَنَّهُ اهْتَمَّ بِذِكْرِ نَصِيبِهِ أَوَّلًا خُصُوصًا وَالْمَبْحَثُ لَهُ ثُمَّ اسْتَطْرَدَ عَلَامَاتِ الِاتِّضَاحِ الْمُفِيدَةِ تَصَوُّرَهُ بِوَجْهٍ مَا إذْ بِضِدِّهَا تَتَمَيَّزُ الْأَشْيَاءُ، وَمِثْلُ هَذَا غَرَضٌ لَا يُبَالَى مَعَهُ بِتَقْدِيمِ التَّصْدِيقِ عَلَى التَّصَوُّرِ فِي الذِّكْرِ عَلَى أَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ تَشْوِيقًا لِلتَّصَوُّرِ، فَيَرْسَخُ عِنْدَ ذِكْرِهِ، وَإِنَّمَا الَّذِي لَا يَصِحُّ تَخَلُّفُهُ تَقَدُّمُ التَّصَوُّرِ فِي الذِّهْنِ بِوَجْهٍ أَمَّا فِي الْوَضْعِ فَأَوْلَوِيٌّ يَجُوزُ تَرْكُهُ لِنُكْتَةٍ أُخْرَى.
الْحَطَّابُ فَأَوَّلُ الْعَلَامَاتِ الَّتِي يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى ذَلِكَ الْبَوْلِ الْعُقْبَانِيُّ فَفِي النَّسَائِيّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ يُوَرَّثُ مِنْ حَيْثُ يَبُولُ» ، أَنَّهُ ضَعِيفُ السَّنَدِ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ يُحْكَمُ فِي الْخُنْثَى بِمَخْرَجِ بَوْلِهِ فِي نِكَاحِهِ وَمِيرَاثِهِ وَشَهَادَتِهِ وَغَيْرِهَا، وَمَا اجْتَرَأْنَا عَلَى سُؤَالِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْهُ ابْنُ يُونُسَ وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ الْقَاسِمِ الْحُكْمُ فِي الْخُنْثَى بِمَخْرَجِ بَوْلِهِ، فَإِنْ كَانَ يَبُولُ مِنْ ذَكَرِهِ فَهُوَ ذَكَرٌ، وَإِنْ كَانَ يَبُولُ مِنْ فَرْجِهِ فَهُوَ جَارِيَةٌ؛ لِأَنَّ النَّسْلَ مِنْ الْمَبَالِ، وَفِيهِ الْوَطْءُ، فَمِيرَاثُهُ وَشَهَادَتُهُ وَكُلُّ أَمْرِهِ عَلَى ذَلِكَ، وَمَا اجْتَرَأْنَا عَلَى سُؤَالِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْهُ، وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ نَحْوَهُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، ثُمَّ قَالَ قَوْلُهُ الْمُرَاعَى مَا يَكُونُ مِنْهُ الْوَلَدُ صَحِيحٌ.
وَقَوْلُهُ إنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ مَخْرَجِ الْبَوْلِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ مَخْرَجَهُ غَيْرُ مَخْرَجِ الْحَيْضِ الَّذِي هُوَ مَخْرَجُ الْوَلَدِ، وَمَحَلُّ الْوَطْءِ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَبِلَهُ، وَقَالَ الْعُقْبَانِيُّ لَا تَلْزَمُ هَذِهِ الْمُضَايَقَةُ، إذْ الْمَقْصُودُ أَنَّ الْبَوْلَ إذَا أُخْرِجَ مِنْ الذَّكَرِ دَلَّ خُرُوجُ الْمَنِيِّ مِنْهُ، وَأَنَّ الْفَرْجَ الْآخَرَ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ مَنِيٌّ وَلَا وَلَدٌ، وَأَنَّهُ إذَا خَرَجَ مِنْ الْفَرْجِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ مَحَلُّ الْوَطْءِ، وَأَنَّهُ لَا يَكُونُ بِالذَّكَرِ فَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ كَلَامُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute