وَفِي الصِّنْفِ أَيْضًا: الصَّفُّ
وَزِيَارَةُ الْقُبُورِ بِلَا حَدٍّ،
ــ
[منح الجليل]
فَصَغِيرٌ، فَأُنْثَى حُرَّةٌ كَبِيرَةٌ فَصَغِيرَةٌ، فَأَمَةٌ كَبِيرَةٌ فَصَغِيرَةٌ، فَالْأَصْنَافُ خَمْسَةٌ فِي كُلِّ صِنْفٍ أَرْبَعٌ.
(وَ) جَازَ (فِي الصِّنْفِ) الْوَاحِدِ كَالْفُحُولِ فَقَطْ وَالْمَخَاصِي كَذَلِكَ (أَيْضًا) أَيْ كَمَا يَجُوزُ فِيهِ التَّوَالِي وَالْمَعْطُوفُ عَلَى فَاعِلِ جَازَ (الصَّفُّ) مُمْتَدًّا مِنْ الْيَمِينِ إلَى الشِّمَالِ بِأَنْ يُجْعَلَ الْحُرُّ أَمَامَ الْإِمَامِ وَالْحُرُّ الصَّغِيرُ عَنْ يَمِينِهِ وَالْعَبْدُ الْكَبِيرُ عَنْ يَسَارِهِ وَالْعَبْدُ الصَّغِيرُ عَنْ يَمِينِهِ، وَكَذَا سَائِرُ الْأَصْنَافِ. وَقِيلَ يُجْعَلُ الْعَبْدُ الصَّغِيرُ عَنْ يَسَارِهِ أَيْضًا، وَكَذَا سَائِرُ الْأَصْنَافِ عج، وَهَلْ يُجْعَلُ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ مَفْضُولُ الْأَفْضَلِ بِحَيْثُ تَكُونُ رِجْلَاهُ عِنْدَ رَأْسِ الْأَفْضَلِ وَبَاقِي الْأَصْنَافِ تُجْعَلُ كُلُّهَا عَنْ يَسَارِ الْإِمَامِ عَلَى تَرْتِيبِ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلتَّوْضِيحِ. أَوْ يُجْعَلُ مَفْضُولُ مَنْ عَلَى جِهَةِ الْيَمِينِ جِهَةَ الْيَسَارِ وَمَفْضُولُ مَنْ عَلَى جِهَةِ الْيَسَارِ عَلَى الْيَمِينِ، وَهَكَذَا.
وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَاسْتَظْهَرَهُ الْفِيشِيُّ وَتَبِعَهُ عب وشب، وَعَلَى هَذَا فَالتَّفَاوُتُ بِالْقُرْبِ تَارَةً وَالتَّيَامُنُ أُخْرَى، وَأَمَّا عَلَى مَا فِي الشَّارِحِ فَبِالْقُرْبِ دَائِمًا إلَّا الثَّانِي فَمَزِيَّتُهُ عَلَى الثَّالِثِ التَّيَامُنُ وَيَجُوزُ الصَّفُّ فِي الْأَصْنَافِ الْمُجْتَمِعَةِ فَلَا مَفْهُومَ لِلصِّنْفِ.
(وَ) جَازَ بِمَعْنَى نُدِبَ لِلرِّجَالِ خَاصَّةً (زِيَارَةُ الْقُبُورِ بِلَا حَدٍّ) أَيْ تَحْدِيدٍ بِيَوْمٍ مِنْ الْأُسْبُوعِ أَوْ وَقْتٍ مِنْ الْيَوْمِ أَوْ بِمُدَّةِ مُكْثٍ عِنْدَهَا مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بَلَغَنِي أَنَّ الْأَرْوَاحَ بِفِنَاءِ الْمَقَابِرِ فَلَا تَخْتَصُّ زِيَارَتُهَا بِيَوْمٍ بِعَيْنِهِ، وَإِنَّمَا خُصَّ يَوْمُ الْجُمُعَةِ لِفَضْلِهِ وَالْفَرَاغِ فِيهِ أَوْ دُعَاءٌ، وَيَنْبَغِي مَزِيدُ الِاعْتِبَارِ بِحَالِ الْمَوْتَى حَالَ زِيَارَتِهِمْ، وَكَثْرَةُ الدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ وَعَدَمُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْكَلَامِ الدُّنْيَوِيِّ وَالْحَذَرُ مِنْ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ صَدَقَاتِ أَهْلِ الْقُبُورِ فَإِنَّهُ مِنْ أَقْبَحِ مَا يَكُونُ وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد عَنْ بُرَيْدَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا فَإِنَّ فِي زِيَارَتِهَا تَذْكِرَةً» . اهـ وَفَعَلَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ يَقُولُ «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الدَّارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَالْمُسْتَأْخِرِينَ، وَإِنَّا بِكُمْ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَاحِقُونَ اللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا أَجْرَهُمْ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ» . الْقُرْطُبِيُّ يَنْبَغِي لِمَنْ عَزَمَ عَلَى زِيَارَةِ الْقُبُورِ أَنْ يَتَأَدَّبَ بِأَدَبِهَا وَيُحْضِرَ قَلْبَهُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute