وَبِنَاءٌ عَلَيْهِ أَوْ تَحْوِيزٌ، وَإِنْ بُوهِيَ بِهِ حَرُمَ، وَجَازَ لِلتَّمْيِيزِ: كَحَجَرٍ أَوْ خَشَبَةٍ بِلَا نَقْشٍ
ــ
[منح الجليل]
طُيِّنَ الْقَبْرُ فَلَا يَسْمَعُ صَاحِبُهُ الْأَذَانَ وَلَا الدُّعَاءَ وَلَا يَعْلَمُ زَائِرَهُ» .
(وَ) كُرِهَ (بِنَاءٌ عَلَيْهِ) أَيْ الْقَبْرِ فِيهَا كَرِهَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تَجْصِيصَ الْقُبُورِ وَالْبِنَاءَ عَلَيْهَا «وَنَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُبْنَى عَلَى الْقُبُورِ أَوْ تُقَصَّصُ» . وَرُوِيَ تُجَصَّصُ الْمَازِرِيُّ مَعْنَاهُ تُبَيَّضُ بِالْجَيَّارِ أَوْ بِالتُّرَابِ الْأَبْيَضِ وَالْقَصَّةُ الْجِيرُ، وَهُوَ الْجَصُّ. ابْنُ يُونُسَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ زِينَةِ الدُّنْيَا وَتَفَاخُرِهَا وَالْمَيِّتُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ. اللَّخْمِيُّ كَرِهَ مَالِكٌ " رَضٍ " تَجْصِيصَ الْقُبُورِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُبَاهَاةِ وَزِينَةِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتِلْكَ مَنَازِلُ الْآخِرَةِ وَلَيْسَتْ بِمَوْضِعٍ لِلْمُبَاهَاةِ، وَإِنَّمَا يُزَيِّنُ الْمَيِّتُ عَمَلَهُ فِي النَّوَادِرِ كَرِهَ مَالِكٌ " رض " أَنْ يُرَصَّصَ عَلَى الْقُبُورِ بِالْحِجَارَةِ وَالطِّينِ أَوْ يُبْنَى عَلَيْهَا بِطُوبٍ أَوْ حِجَارَةٍ. وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ وَنَهَى عَنْ الْبِنَاءِ عَلَيْهَا وَالْكِتَابَةِ وَالتَّجْصِيصِ. وَرَوَى جَابِرٌ " رض «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أَنْ تُرَبَّعَ الْقُبُورُ أَوْ يُبْنَى عَلَيْهَا أَوْ يُكْتَبَ فِيهَا أَوْ تُقَصَّصَ» وَرُوِيَ تَجْصِيصٌ، وَأَمَرَ بِهَدْمِهَا وَتَسْوِيَتِهَا.
(أَوْ تَحْوِيزٌ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ إدَارَةُ بِنَاءٍ عَلَى الْقَبْرِ. ابْنُ رُشْدٍ الْبِنَاءُ عَلَى نَفْسِ الْقَبْرِ مَكْرُوهٌ، وَأَمَّا الْبِنَاءُ حَوَالَيْهِ فَإِنَّمَا يُكْرَهُ مِنْ نَاحِيَةِ التَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ، وَلَا بَأْسَ بِهِ فِي الْأَمْلَاكِ. ابْنُ بَشِيرٍ إنْ كَانَ الْقَصْدُ بِالْبِنَاءِ تَمْيِيزَ الْقَبْرِ مِنْ غَيْرِهِ فَحَكَى اللَّخْمِيُّ فِيهِ الْجَوَازَ وَالْكَرَاهَةَ، وَأَخَذَهَا مِنْ إطْلَاقِ الْمُدَوَّنَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَا كُرِهَ فِيهَا إلَّا الْبِنَاءُ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ الْعَلَامَةُ.
(وَإِنْ بُوهِيَ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ، وَكَسْرِ الْهَاءِ (بِهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ تَطْيِينِ الْقَبْرِ أَوْ تَبْيِيضِهِ أَوْ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ أَوْ التَّحْوِيزِ (حَرُمَ) الْحَطّ فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ تَطْيِينَ الْقَبْرِ أَيْ جَعْلُ الطِّينِ عَلَيْهِ وَالْحِجَارَةِ مَكْرُوهٌ، وَكَذَلِكَ تَبْيِيضُهُ إذَا لَمْ يُقْصَدْ بِذَلِكَ الْمُبَاهَاةُ فَإِنْ قُصِدَ بِهِ الْمُبَاهَاةُ حَرُمَ (وَجَازَ لِلتَّمْيِيزِ) بَيْنَ الْقُبُورِ وَفَاعِلُ جَازَ الْكَافُ مِنْ قَوْلِهِ (كَحَجَرٍ) إذْ هُوَ اسْمٌ بِمَعْنَى مِثْلَ يُغْرَزُ عَلَى الْقَبْرِ عَلَامَةً عَلَيْهِ (أَوْ خَشَبَةٍ) كَذَلِكَ (بِلَا نَقْشٍ) لِاسْمِهِ أَوْ تَارِيخِ مَوْتِهِ عَلَى الْحَجَرِ أَوْ الْخَشَبَةِ، وَإِلَّا كُرِهَ، وَإِنْ بُوهِيَ بِهِ حَرُمَ. وَيَنْبَغِي حُرْمَةُ نَقْشِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute