لَا يُمْشَى عَلَيْهِ
وَلَا يُنْبَشُ مَا دَامَ بِهِ، إلَّا أَنْ يَشِحَّ رَبُّ كَفَنٍ غُصِبَهُ،
ــ
[منح الجليل]
التَّصَرُّفُ فِيهِ بِغَيْرِ الدَّفْنِ كَزَرْعٍ وَبِنَاءِ بَيْتٍ. مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَوْضِعُ الْقَبْرِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا الِانْتِفَاعُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ حَبْسٌ قِيلَ لَهُ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِمَوْضِعِ السِّقْطِ قَالَ أَكْرَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ حُرْمَةُ الْمَوْتَى. ابْنُ سَحْنُونٍ الْقِيَامُ جَوَازُ الِانْتِفَاعِ بِهِ (لَا يُمْشَى) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ يُكْرَهُ الْمَشْيُ (عَلَيْهِ) إنْ كَانَ مُسَنَّمًا وَالطَّرِيقُ دُونَهُ وَظُنَّ بَقَاءُ شَيْءٍ مَحْسُوسٍ، مِنْ أَجْزَاءِ الْمَيِّتِ بِهِ، وَإِلَّا جَازَ وَلَوْ بِنَعْلٍ، وَكَذَا الْجُلُوسُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَخَفُّ مِنْ الْمَشْيِ، وَمَا وَرَدَ مِنْ حُرْمَةِ الْجُلُوسِ عَلَيْهِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْجُلُوسِ عَلَيْهِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَكَذَا فَسَّرَهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَرُوِيَ ذَلِكَ مُفَسَّرًا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَتَوَسَّدُهَا وَيَجْلِسُ عَلَيْهَا.
(وَلَا يُنْبَشُ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ أَيْ يَحْرُمُ أَنْ يُحْفَرَ الْقَبْرُ (مَا دَامَ) الْمَيِّتُ أَيْ مُدَّةَ تَحَقُّقِ أَوْ ظَنِّ بَقَاءِ الْمَيِّتِ أَوْ شَيْءٍ مِنْ عِظَامِهِ الْمَحْسُوسَةِ (بِهِ) أَيْ فِي الْقَبْرِ فَإِنْ تَحَقَّقَ أَوْ ظُنَّ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مَحْسُوسٌ مِنْ الْمَيِّتِ فَيَجُوزُ نَبْشُهُ لِلدَّفْنِ فِيهِ فَقَطْ، لَا لِزِرَاعَةٍ وَلَا بِنَاءِ دَارٍ، وَقَيَّدَ الْجُزْءَ بِالْمَحْسُوسِ احْتِرَازًا عَنْ عُجْبِ الذَّنَبِ فَدَوَامُهُ بِهِ لَا يَحْرُمُ نَبْشُهُ فَهُوَ كَالْعَدَمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحَسُّ فِي الْمَدْخَلِ.
اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي دُفِنَ فِيهِ مُسْلِمٌ وَقْفٌ عَلَيْهِ مَا دَامَ شَيْءٌ مِنْهُ مَوْجُودًا فِيهِ حَتَّى يَفْنَى فَإِذَا فَنَى فَيُدْفَنُ فِيهِ غَيْرُهُ فَإِنْ بَقِيَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ عِظَامِهِ فَالْحُرْمَةُ ثَابِتَةٌ لِجَمِيعِهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْفَرَ عَلَيْهِ، وَلَا أَنْ يُدْفَنَ مَعَهُ غَيْرُهُ، وَلَا يُكْشَفُ عَنْهُ اتِّفَاقًا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ قَبْرِهِ قَدْ غُصِبَ اهـ. الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ لِلْمَيِّتِ حُرْمَةٌ تَمْنَعُ مِنْ إخْرَاجِهِ مِنْ قَبْرِهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ، كَنِسْيَانِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِيهِ، وَإِلْحَاقِ دَفْنٍ آخَرَ مَعَهُ بِأَبْوَابِ الضَّرُورَةِ الْمُبِيحَةِ لِإِخْرَاجِهِ يَفْتَقِرُ إلَى نَظَرٍ وَبَسْطٍ طَوِيلٍ.
(إلَّا أَنْ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (يَشِحَّ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ وَشَدِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ (رَبُّ) أَيْ مَالِكُ (كَفَنٍ غُصِبَهُ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ لِيَشْمَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute