وَإِنَّمَا يُزَكَّى مَعْدِنُ عَيْنٍ، وَحُكْمُهُ لِلْإِمَامِ، وَلَوْ بِأَرْضِ مُعَيَّنٍ؛ إلَّا مَمْلُوكَةً لِمَصَالِحَ فَلَهُ،
ــ
[منح الجليل]
وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَقَدْ عَلِمْت ضَعْفَهُ.
(وَإِنَّمَا يُزَكَّى) بِفَتْحِ الْكَافِ مُشَدَّدَةً (مَعْدِنٌ عَيْنٌ) أَيْ: الْخَارِجُ مِنْهُ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لَا مَعْدِنُ نُحَاسٍ وَحَدِيدٍ وَنَحْوُهُمَا وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ يُزَكَّى اشْتِرَاطُ حُرِّيَّةِ مُخْرِجِهِ وَإِسْلَامِهِ لَا مُرُورِ الْحَوْلِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ. وَقِيلَ لَا تُشْتَرَطُ حُرِّيَّتُهُ وَلَا إسْلَامُهُ وَأَنَّ الشُّرَكَاءَ فِيهِ كَالْوَاحِدِ الْجُزُولِيُّ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَيُشْتَرَطُ بُلُوغُهُ نِصَابًا وَزَكَاتُهُ رُبْعُ عُشْرِهِ.
(وَحُكْمُهُ) أَيْ: التَّصَرُّفِ فِي الْمَعْدِنِ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ عَيْنًا (لِلْإِمَامِ) الْأَعْظَمِ أَوْ نَائِبِهِ يَقْطَعُهُ لِمَنْ يَشَاءُ أَوْ يَجْعَلُهُ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ إنْ كَانَ بِأَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ كَالْفَيَافِيِ، وَمَا تَرَكَهَا أَهْلُهَا، أَوْ مَمْلُوكَةٍ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كَأَرْضِ الْعَنْوَةِ بَلْ (وَلَوْ) ظَهَرَ (بِأَرْضِ مُعَيَّنٍ) مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ ذِمِّيٍّ سُدَّ الْبَابُ لِلْهَرْجِ؛ لِأَنَّ الْمَعَادِنَ قَدْ يَجِدُهَا شِرَارُ النَّاسِ. فَإِنْ تُرِكَتْ لَهُمْ تَحَاسَدُوا وَتَقَاتَلُوا عَلَيْهَا وَسَفَكَ بَعْضُهُمْ دِمَاءَ بَعْضٍ الْمُتَيْطِيِّ وَلَا يَحْتَاجُ الْإِقْطَاعُ لِحِيَازَةٍ بِخِلَافِ الْهِبَةِ. وَقِيلَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْحِيَازَةِ وَبِالْأَوَّلِ الْعَمَلُ اهـ. الْمِسْنَاوِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَيْسَ بِوَاهِبٍ حَقِيقَةً إنَّمَا هُوَ نَائِبٌ عَنْ الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ أَحْيَاءُ وَلِذَا قَالَ: لَا يَنْعَزِلُ الْقَاضِي بِمَوْتِ الْأَمِيرِ.
وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمَعْدِنَ الظَّاهِرَ بِأَرْضِ مُعَيَّنٍ حُكْمُهُ لَهُ مُطْلَقًا، وَلِلْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَيْنًا وَإِلَّا فَلِلْإِمَامِ وَالْمُعْتَمَدُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ (إلَّا) أَرْضًا (مَمْلُوكَةً ل) كَافِرٍ (مُصَالِحٍ) الْإِمَامَ عَلَى تَرْكِ الْقِتَالِ وَبَقَاءِ أَرْضِهِ لَهُ بِمَالٍ يَدْفَعُهُ كُلَّ عَامٍ سَوَاءٌ أَجْمَلَ عَلَى الْأَرْضِ وَالرِّقَابِ أَوْ فَرَّقَ عَلَيْهِمَا أَوْ فَرَّقَ عَلَى أَحَدِهِمَا وَأَجْمَلَ عَلَى الْآخَرِ أَوْ سَكَتَ عَنْهُ مُعَيَّنٌ أَوْ غَيْرُهُ (فَ) حُكْمُ الْمَعْدِنِ الظَّاهِرِ فِيهَا (لَهُ) أَيْ الْمُصَالِحِ إلَى أَنْ يُسْلِمَ فَيَصِيرَ حُكْمُهُ لِلْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ حِمَايَتُهُمْ وَسَدُّ بَابِ الشَّرِّ عَنْهُمْ، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ. وَقَالَ سَحْنُونٌ: يَبْقَى لَهُمْ إنْ أَسْلَمُوا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute