للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَدِينٌ وَلَوْ مَاتَ يُحْبَسُ فِيهِ، لَا فِي فَسَادٍ وَلَا لِأَخْذِهَا إلَّا أَنْ يَتُوبَ

ــ

[منح الجليل]

وَنَصُّهُ لَوْ أَخْرَجَهَا فَأُسِرَ قَبْلَ صَرْفِهَا جَازَ فِدَاؤُهُ بِهَا. وَلَوْ افْتَقَرَ لَمْ يُعْطِ مِنْهَا وَفَرَّقَ بِعَوْدِهَا لَهُ وَفِي الْفِدَاءِ لِغَيْرِهِ، قَالَهُ فِي الشَّامِلِ وَنَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ اهـ. فَقَدْ تُعُقِّبَ بِأَنَّ الْحَطّ نَقَلَ هَذَا الْفَرْعَ هُنَا عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَغَيْرِهِ، وَنَقَلَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَهَلْ يَمْنَعُ إعْطَاءُ زَوْجَةٍ زَوْجَهَا عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَمَذْهَبُهُ جَوَازُ فَكِّ الْأَسِيرِ مُطْلَقًا بِالزَّكَاةِ فَمَا ذَكَرَهُ هُنَا مُقَابِلٌ لِلْمَذْهَبِ فَالْأَوْلَى إبْقَاءُ الْمَتْنِ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ الْعُمُومِ. وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ فَكَّ أَسِيرًا، أَنَّهُمْ إنْ أَطْلَقُوا الْأَسِيرَ بِفِدَاءِ دَيْنٍ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إعْطَاؤُهُ مِنْهَا اتِّفَاقًا وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ.

وَعَطَفَ عَلَى فَقِيرٍ فَقَالَ (وَ) شَخْصٌ (مَدِينٌ) ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى عَاجِزٌ عَنْ وَفَاءِ مَا عَلَيْهِ يُعْطَى مِنْهَا مَا يُوَفِّي بِهِ دَيْنَهُ إنْ كَانَ حُرًّا مُسْلِمًا غَيْرَ هَاشِمِيٍّ، فَلَا تُدْفَعُ لِمَدِينٍ هَاشِمِيٍّ؛ لِأَنَّهَا وَسَخٌ وَقَذَرٌ، وَالدَّيْنُ صِفَةُ الْأَكَابِرِ فَقَدْ تَدَايَنَ أَفْضَلُ الْخَلْقِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لِيَهُودِيٍّ إنْ كَانَ الْمَدِينُ حَيًّا بَلْ:

(وَلَوْ مَاتَ) الْمَدِينُ فَيُوَفَّى دَيْنُهُ مِنْهَا، بَلْ قِيلَ: دَيْنُ الْمَيِّتِ أَحَقُّ مِنْ دَيْنِ الْحَيِّ فِي وَفَائِهِ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُرْجَى قَضَاؤُهُ. وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ لَا يُقْضَى دَيْنُ الْمَيِّتِ مِنْ الزَّكَاةِ لِوُجُوبِ وَفَائِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَوَصَفَ مَدِينُ بِجُمْلَةِ (يُحْبَسُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الْحَاءِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ: الْمَدِينُ (فِيهِ) أَيْ: الدَّيْنِ أَيْ: شَأْنُهُ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ لِآدَمِيٍّ، فَيَدْخُلُ دَيْنُ الْوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ، وَالدَّيْنُ عَلَى الْمُعْسِرِ وَخَرَجَ دَيْنُ الْكَفَّارَاتِ وَالزَّكَاةِ وَلَمْ يَتَدَايَنْهُ لَأَخَذَهَا وَصَرَفَهُ فِي مَصْلَحَةٍ شَرْعِيَّةٍ، وَدَلِيلُهُمَا قَوْلُهُ (لَا فِي فَسَادٍ) كَشُرْبِ مُغَيِّبٍ.

(وَلَا) إنْ اسْتَدَانَ (لِأَخْذِهَا) أَيْ: الزَّكَاةِ بِأَنْ كَانَ عِنْدَهُ مَا يَكْفِيهِ لِعَامِهِ وَتَوَسَّعَ فِي الْإِنْفَاقِ حَتَّى أَفْنَاهُ فِي بَعْضِ الْعَامِ وَاسْتَدَانَ لِلْإِنْفَاقِ بَقِيَّةَ الْعَامِ لِيَأْخُذَ مِنْ الزَّكَاةِ مَا يُوَفِّي بِهِ دَيْنَهُ فَلَا يُعْطَى مِنْهَا شَيْئًا؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ مَذْمُومٌ، بِخِلَافِ مَنْ تَدَايَنَ لِضَرُورَتِهِ نَاوِيًا الْأَخْذَ مِنْهَا فَإِنَّهُ يُعْطَى مِنْهَا مَا يُوَفِّيهِ لِحُسْنِ قَصْدِهِ.

(إلَّا أَنْ يَتُوبَ) مِنْ الصَّرْفِ فِي الْفَسَادِ وَالِاسْتِدَانَةِ لِأَخْذِهَا؛ لِأَنَّهَا سَفَهٌ وَهُوَ مُحَرَّمٌ،

<<  <  ج: ص:  >  >>