إنْ انْتَهَكَ.
وَإِنْ غَيَّمَتْ وَلَمْ يُرَ فَصَبِيحَتُهُ يَوْمَ الشَّكِّ.
وَصِيمَ: عَادَةً وَتَطَوُّعًا، وَقَضَاءً وَكَفَّارَةً،
ــ
[منح الجليل]
الْكَفَّارَةُ الْكُبْرَى (إنْ انْتَهَكَ) الْحُرْمَةَ، أَيْ: قَدِمَ عَلَيْهَا عَالِمًا بِهَا بِلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِكْهَا كَمَنْ أَفْطَرَ ظَانًّا أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُجْزِهِ صَوْمُهُ يَجُوزُ لَهُ فِطْرُهُ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى خِلَافٍ فِيهِ، فَيُضَمُّ إلَى صُوَرِ التَّأْوِيلِ الْقَرِيبِ الْآتِيَةِ. وَكَذَا الْمُفْطِرُ ذَاهِلًا عَنْ الْحُرْمَةِ وَالتَّأْوِيلِ لِنِسْيَانِهِ.
(وَإِنْ غَيَّمَتْ) السَّمَاءُ بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (وَلَمْ يُرَ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ أَيْ الْهِلَالُ لَيْلَةَ ثَلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ (فَصَبِيحَتُهُ) أَيْ الْغَيْمِ (يَوْمَ الشَّكِّ) الَّذِي وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ صَوْمِهِ وَهَذَا مِنْ تَسْمِيَةِ الْجُزْءِ بِاسْمِ كُلِّهِ أَوْ مِنْ حَذْفِ الْمُضَافِ، أَيْ: صَبِيحَةُ يَوْمِ الشَّكِّ. وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الشَّهْرُ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْا الْهِلَالَ، وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ. فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ» . دَلَّ عَلَى أَنَّ صَبِيحَةَ الْغَيْمِ مِنْ شَعْبَانَ جَزْمًا قَالَ فَالْوَجْهُ أَنَّ يَوْمَ الشَّكِّ صَبِيحَةَ لَيْلَةٍ مُصْحِيَةٍ تَحَدَّثَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ فِيهَا مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، كَنِسَاءٍ وَعَبِيدٍ وَصِبْيَانٍ وَفَاسِقٍ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَا يُعْتَبَرُ حَدِيثُهُ وَصَبِيحَةُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ مِنْ شَعْبَانَ جَزْمًا أَيْضًا، فَالْوُرُودُ مُشْتَرَكٌ فَلَا وَجْهَ لِاعْتِبَارِهِ فِي الْأَوَّلِ وَعَدَمِهِ فِي الثَّانِي، وَالْإِنْصَافُ أَنَّ الشَّكَّ لَازِمٌ فِيهِمَا إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَكْمِيلِ شَعْبَانَ بِصَبِيحَةِ الْغَيْمِ فِي الظَّاهِرِ رِفْقًا بِالْأُمَّةِ وَتَخْفِيفًا كَوْنُهُ مِنْهُ فِي الْوَاقِعِ لِاحْتِمَالِ وُجُودِ الْهِلَالِ وَسَتَرَهُ الْغَيْمُ، وَلَا مِنْ رَدِّ شَهَادَةِ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي الظَّاهِرِ كَذِبُهُ فِي الْوَاقِعِ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ فِيهِ.
(وَصِيمَ) بِكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ: أُذِنَ فِي صَوْمِهِ لِمَنْ اتَّخَذَ الصَّوْمَ (عَادَةً) فِي الْأَيَّامِ كُلِّهَا وَفِي بَعْضِهَا كَالِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ (وَ) أُذِنَ فِيهِ (تَطَوُّعًا) بِلَا عَادَةٍ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - هَذَا الَّذِي أَدْرَكْت عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِالْمَدِينَةِ. وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ يُكْرَهُ صَوْمُهُ تَطَوُّعًا (وَ) صِيمَ (قَضَاءً) عَنْ يَوْمِ رَمَضَانَ السَّابِقِ (وَ) صِيمَ (كَفَّارَةً) عَنْ يَمِينٍ أَوْ ظِهَارٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ فِطْرٍ فِي رَمَضَانَ. وَكَذَا فِي هَدْيٍ وَفِدْيَةٍ وَجَزَاءِ صَيْدٍ وَنَذْرٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute