وَإِنْ أَمْنَى بِتَعَمُّدِ نَظَرِهِ فَتَأْوِيلَانِ:.
بِإِطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا لِكُلٍّ مُدٌّ، وَهُوَ الْأَفْضَلُ،
ــ
[منح الجليل]
فَالْمُصَنِّفُ بِاعْتِبَارِ الْمُبَالَغَةِ جَارٍ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ ثُمَّ أَشَارَ لِاخْتِيَارِ اللَّخْمِيِّ فَيَجْرِي فِي الْجَمِيعِ نَعَمْ اللَّخْمِيُّ فِي اخْتِيَارِهِ لَمْ يَنْظُرْ لِمُتَابَعَةٍ وَلَا عَدَمِهَا، وَإِنَّمَا نَظَرَ لِلْعَادَةِ وَهَذَا لَا يَضُرُّ الْمُصَنِّفُ إذْ نَسَجَ عَلَى مِنْوَالِ اللَّخْمِيِّ، فَإِذَا ذَكَرَ اتِّفَاقَهُمْ عَلَى شَرْطِ الْمُتَابَعَةِ ثُمَّ أَعْقَبَهُ بِذِكْرِ اخْتِيَارِهِ الرَّاجِعِ لِجَمِيعِ مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ، وَلَيْسَ اخْتِيَارُهُ خَاصًّا بِالْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ كَمَا قِيلَ، بَلْ ذَكَرَهُمَا مِثَالَيْنِ كَمَا تَرَى اهـ. وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ تَخْصِيصَ ز الِاسْتِثْنَاءَ بِمَا بَعْدَ الْمُبَالَغَةِ وَقَوْلُهُ اللَّخْمِيُّ لَيْسَ لَهُ اخْتِيَارٌ إلَّا فِي الْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ كُلُّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ، إذْ غَيْرُهُمَا أَحْرَى بِذَلِكَ نَعَمْ مَا تَقَدَّمَ يَقْتَضِي أَنَّ اخْتِيَارَ اللَّخْمِيِّ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ لَا مِنْ الْخِلَافِ. وَأَجَابَ طفي بِأَنَّ تَفَقُّهَهُ لَمَّا نَشَأَ عَنْ الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرَهُ صَحَّ التَّعْبِيرُ بِصِيغَةِ الِاسْمِ.
(وَإِنْ أَمْنَى) فِي أَدَاءِ رَمَضَانَ (بِتَعَمُّدِ نَظْرَةٍ) وَاحِدَةٍ (فَ) فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ وَعَدَمِهِ (تَأْوِيلَانِ) أَيْ: فَهْمَانِ لِشَارِحَيْهَا رَاجِحُهُمَا عَدَمُهُ إذَا لَمْ يُخَالِفْ عَادَتَهُ، وَإِلَّا فَلَا كَفَّارَةَ اتِّفَاقًا، تَقَدَّمَ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا عَدَمُهَا إنْ أَنْزَلَ عَنْ فِكْرٍ أَوْ نَظَرٍ غَيْرِ مُسْتَدَامٍ، وَقَالَ الْقَابِسِيُّ يُكَفِّرُ إنْ أَمْنَى عَنْ نَظْرَةٍ وَاحِدَةٍ مُتَعَمِّدًا فَحَمَلَهُ عَبْدُ الْحَقِّ عَلَى الْوِفَاقِ بِحَمْلِ مَا فِيهَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ النَّظَرَ، وَحَمَلَهُ ابْنُ يُونُسَ عَلَى الْخِلَافِ. الْبَاجِيَّ قَوْلُ الْقَابِسِيِّ هُوَ الصَّحِيحُ.
وَصِلَةُ كَفَّرَ (بِإِطْعَامٍ) أَيْ: تَمْلِيكِ (سِتِّينَ مِسْكِينًا) أَيْ: مُحْتَاجًا فَشَمِلَ الْفَقِيرَ (لِكُلٍّ) مِنْ السِّتِّينَ (مُدٌّ) أَيْ: مِلْءُ يَدَيْنِ مُتَوَسِّطَتَيْنِ مَقْبُوضَتَيْنِ وَلَا مَبْسُوطَتَيْنِ، وَلَا يُجْزِئُ عَنْ الْمُدِّ غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ. وَقَالَ أَشْهَبُ: يُجْزِئَانِ وَتَعَدَّدَتْ بِتَعَدُّدِ الْأَيَّامِ لَا بِتَعَدُّدِ الْفِطْرِ فِي يَوْمٍ وَلَوْ حَصَلَ الثَّانِي بَعْدَ إخْرَاجِهَا عَنْ الْأَوَّلِ أَوْ كَانَ الثَّانِي مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْأَوَّلِ. (وَهُوَ) أَيْ: الْإِطْعَامُ (الْأَفْضَلُ) مِنْ الْعِتْقِ وَالصِّيَامِ وَلَوْ لِلْخَلِيفَةِ لِكَثْرَةِ تَعَدِّي نَفْعِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعِتْقَ أَفْضَلُ مِنْ الصَّوْمِ لِتَعَدِّيهِ دُونَ الصَّوْمِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute