وَجَازَ سِوَاكٌ كُلَّ النَّهَارِ، وَمَضْمَضَةٌ لِعَطَشٍ، وَإِصْبَاحٌ بِجَنَابَةٍ، وَصَوْمُ دَهْرٍ وَجُمُعَةٍ فَقَطْ وَفِطْرٌ بِسَفَرِ قَصْرٍ
ــ
[منح الجليل]
الْفَجْرَ صَحَّ صَوْمُهُ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ. فِي الْبُرْزُلِيُّ مَنْ نَامَ قَبْلَ أَنْ يَتَمَضْمَضَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ وَقَدْ بَيَّتَ الصِّيَامَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَفِي نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ يُلْقِي مَا فِي فِيهِ وَيَتَمَضْمَضُ وَظَاهِرُ سَبْقِهِ أَنَّهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ.
(وَجَازَ) أَيْ: لَمْ يَحْرُمْ عَلَى الصَّائِمِ وَلَمْ يُكْرَهْ (سِوَاكٌ) أَيْ: اسْتِيَاكٌ إذْ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ اخْتِيَارِيٍّ بِمَا لَا يَتَحَلَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ وَكُرِهَ بِالرَّطْبِ لِمَا يَتَحَلَّلُ مِنْهُ، فَإِنْ تَحَلَّلَ مِنْهُ شَيْءٌ وَوَصَلَ لِحَلْقِهِ عَمْدًا فَفِيهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ وَإِلَّا فَالْقَضَاءُ فَقَطْ (كُلَّ النَّهَارِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» ، أَيْ: أَمْرَ إيجَابٍ وَهَذَا يَعُمُّ الصَّائِمَ وَغَيْرَهُ (وَ) جَازَ لَهُ (مَضْمَضَةٌ لِعَطَشٍ) وَنَحْوِهِ فَمَا تُطْلَبُ الْمَضْمَضَةُ فِيهِ كَوُضُوءٍ وَغُسْلٍ أَحْرَى، وَتُكْرَهُ لِغَيْرِ مُوجِبٍ؛ لِأَنَّهَا تَغْرِيرٌ بِالْفِطْرِ يَسْبِقُهَا لِلْحَلْقِ الْمُصَنِّفُ إذَا تَمَضْمَضَ لِعَطَشٍ أَوْ نَحْوِهِ ثُمَّ ابْتَلَعَ رِيقَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. الْبَاجِيَّ إذَا ذَهَبَ طَعْمُ الْمَاءِ وَخَلَصَ رِيقُهُ (وَ) جَازَ (إصْبَاحٌ بِجَنَابَةٍ) وَالْأَوْلَى الِاغْتِسَالُ مِنْهَا قَبْلَ الْفَجْرِ.
(وَ) جَازَ أَيْ: نُدِبَ (صَوْمُ دَهْرٍ) إنْ لَمْ يُضْعِفْهُ عَنْ عَمَلِ بِرٍّ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِجَوَازِهِ مُسْتَوِيًا، وَإِنَّمَا قِيلَ بِنَدْبِهِ وَكَرَاهَتِهِ ابْنُ الْعَرَبِيِّ احْتَجَّ عَلَى جَوَازِ صَوْمِهِ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى لُزُومِهِ بِالنَّذْرِ، وَلَوْ كُرِهَ أَوْ مُنِعَ لَمْ يَلْزَمْ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْقَبَّابُ هَذِهِ حُجَّةٌ لَا بَأْسَ بِهَا. الْبُنَانِيُّ قَدْ يُقَالُ فِي حُجَّةِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ أَنَّ الْقَائِلَ بِكَرَاهَتِهِ يُجِيبُ عَنْ لُزُومِهِ بِالنَّذْرِ بِمَا يَأْتِي فِي رَابِعِ النَّحْرِ (وَ) جَازَ صَوْمُ يَوْمِ (جُمُعَةٍ) (فَقَطْ) لَا قَبْلَهُ يَوْمٌ وَلَا بَعْدَهُ يَوْمٌ أَيْ: نُدِبَ فَإِنْ ضَمَّ إلَيْهِ آخَرَ فَلَا خِلَافَ فِي نَدْبِهِ، وَإِنَّمَا فَسَّرَ الْجَوَازَ بِالنَّدْبِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَنَا صَوْمُ مُسْتَوَى الطَّرَفَيْنِ وَحَمَلَ النَّهْيَ عَنْ الْوَارِدِ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلَّا أَنْ يَصُومَ قَبْلَهُ يَوْمًا أَوْ بَعْدَهُ» ، عَلَى التَّقِيَّةِ مِنْ فَرْضِهِ كَمَا اتَّقَى قِيَامَ رَمَضَانَ وَقَدْ أَمِنَّا مِنْ هَذِهِ الْعِلَّةِ بِوَفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِذَا يُذْكَرُ أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ كَانَ يَصُومُهُ إلَى أَنْ مَاتَ.
(وَ) جَازَ لَهُ بِمَعْنَى كُرِهَ (فِطْرٌ) أَيْ: نِيَّتُهُ وَفِعْلُهُ (بِسَفَرِ قَصْرٍ) أَيْ: أَرْبَعَةِ بُرُدٍ بِلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute