كَحَامِلٍ، وَمُرْضِعٍ لَمْ يُمْكِنْهَا اسْتِئْجَارٌ أَوْ غَيْرُهُ خَافَتَا عَلَى وَلَدَيْهِمَا، وَالْأُجْرَةُ فِي مَالِ الْوَلَدِ، ثُمَّ هَلْ فِي مَالِ الْأَبِ، أَوْ مَالِهَا؟ تَأْوِيلَانِ
ــ
[منح الجليل]
وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ وَالْوُجُوبِ فَقَالَ (كَحَامِلٍ) جَنِينًا فِي بَطْنِهَا (وَمُرْضِعٍ) وَلَدَهَا (لَمْ يُمْكِنْهَا) أَيْ: الْمُرْضِعَ (اسْتِئْجَارٌ) لِمُرْضِعٍ تُرْضِعُ وَلَدَهَا بَدَلَهَا لِعَدَمِ مَالٍ لِأَبِيهِ وَلَهُ وَلَهَا أَوْ مُرْضِعَةٍ أَوْ عَدَمِ قَبُولِ الْوَلَدِ غَيْرَهَا (أَوْ غَيْرُهُ) أَيْ: الِاسْتِئْجَارِ وَهُوَ إرْضَاعُهَا بِنَفْسِهَا أَوْ غَيْرِهَا مَجَّانًا (خَافَتَا) أَيْ: تَحَقَّقَتْ أَوْ ظَنَّتْ الْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ ضَرَرًا بِالصَّوْمِ (عَلَى وَلَدَيْهِمَا) فَيَجُوزُ فِطْرُهُمَا إنْ خَافَتَا ضَرَرًا يَسِيرًا وَيَجِبُ إنْ خَافَتَا هَلَاكًا أَوْ أَذًى شَدِيدًا، وَأَمَّا خَوْفُهَا بِهِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا فَقَدْ دَخَلَ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ وَبِمَرَضٍ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ مَرَضٌ وَالرَّضَاعَ فِي حُكْمِهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ خَافَتَا أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُمَا الْفِطْرُ بِمُجَرَّدِ الْجَهْدِ مَعَ أَمْنِ الْعَاقِبَةِ، وَقَدْ صَرَّحَ اللَّخْمِيُّ بِجَوَازِهِ لَهُمَا بِهِ.
وَحَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ قَائِلًا إذَا كَانَتْ الشِّدَّةُ مُبِيحَةً لِلْفِطْرِ مِنْ الْمَرَضِ فَالْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ أَوْلَى بِذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ لِلْمُرْضِعِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْفِطْرِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ: حَالٌ لَا يَجُوزُ لَهَا فِيهِ الْفِطْرُ وَالْإِطْعَامُ وَهِيَ قُدْرَتُهَا عَلَى الصِّيَامِ وَلَمْ يُجْهِدْهَا الْإِرْضَاعُ وَحَالٌ يَجُوزُ لَهَا فِيهِ الْفِطْرُ وَالْإِطْعَامُ، وَهُوَ إجْهَادُهَا الْإِرْضَاعُ وَلَمْ تَخَفْ عَلَى وَلَدِهَا وَحَالٌ يَجِبُ عَلَيْهَا فِيهِ الْفِطْرُ وَالْإِطْعَامُ وَهُوَ خَوْفُهَا عَلَى وَلَدِهَا. اهـ. فَإِنْ أَمْكَنَ الْمُرْضِعَ الِاسْتِئْجَارُ وَجَبَ بِهَا الصَّوْمُ وَالِاسْتِئْجَارُ.
(وَالْأُجْرَةُ فِي مَالِ الْوَلَدِ) الَّذِي مَلَكَهُ بِإِرْثٍ أَوْ عَطَاءٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ فِي وَقْفٍ؛ لِأَنَّهَا مِنْ نَفَقَتِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْإِرْضَاعُ وَاجِبًا عَلَيْهَا أَوْ لَا (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَلَدِ مَالٌ وَوُجِدَ مَالُ الْوَالِدَيْنِ فَ (هَلْ) تَكُونُ الْأُجْرَةُ (فِي مَالِ الْأَبِ) وَهُوَ الرَّاجِحُ لِوُجُوبِ نَفَقَتِهِ عَلَيْهِ (أَوْ) تَكُونُ الْأُجْرَةُ فِي (مَالِهَا) أَيْ الْأُمِّ حَيْثُ وَجَبَ عَلَيْهَا إرْضَاعُهُ، وَهَذَا بَدَلُهُ وَلَا تَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْأَبِ، فَإِنْ كَانَتْ بَائِنًا فَعَلَى الْأَبِ اتِّفَاقًا (تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِلَّخْمِيِّ، وَالثَّانِي لِسَنَدٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute