وَأُدِّبَ الْمُفْطِرُ عَمْدًا: إلَّا أَنْ يَأْتِيَ تَائِبًا، وَإِطْعَامُ مُدِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِمُفَرِّطٍ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ
ــ
[منح الجليل]
وُجُوبِ قَضَائِهِ بِفِطْرِهِ نَاسِيًا كُلٌّ مِنْهُمَا مُشْكِلٌ مَعَ قَوْلِهِ وَقَضَى فِي الْفَرْضِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ فَرْضٌ. قُلْت لَمَّا لَمْ يَكُنْ وُجُوبُهُ أَصْلِيًّا وَإِنَّمَا وَجَبَ بِسَبَبِ كَوْنِهِ قَضَاءً وَقَدْ بَطَلَ ذَلِكَ بِالْفِطْرِ فِيهِ أُلْغِيَ وُجُوبُهُ.
فَإِنْ قُلْت: إذَا أُلْغِيَ وُجُوبُهُ صَارَ نَفْلًا وَالنَّفَلُ يُقْضَى بِفِطْرِهِ عَمْدًا حَرَامًا. قُلْت النَّفَلُ مَقْصُودٌ لِذَاتِهِ وَهَذَا لِنِيَابَتِهِ عَنْ غَيْرِهِ وَقَدْ بَطَلَتْ بِذَلِكَ، فَانْحَطَّ عَنْ النَّفْلِ أَيْضًا.
(وَ) وَجَبَ (أَدَبُ) أَيْ: تَأْدِيبٌ وَمُعَاقَبَةُ الشَّخْصِ (الْمُفْطِرِ) فِي أَدَاءِ رَمَضَانَ (عَمْدًا) اخْتِيَارًا بِلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ بِمَا يَرَاهُ الْإِمَامُ مِنْ ضَرْبِ أَوْ سَجْنٍ أَوْ مِنْهُمَا مَعًا. وَإِنْ كَانَ فِطْرُهُ بِمُوجِبِ حَدٍّ كَزِنًا وَشُرْبِ مُسْكِرٍ حُدَّ وَأُدِّبَ، وَإِنْ كَانَ رَجْمًا قُدِّمَ الْأَدَبُ وَاسْتَظْهَرَ الْمِسْنَاوِيُّ سُقُوطَ الْأَدَبِ بِالرَّجْمِ لِإِتْيَانِ الْقَتْلِ عَلَى الْجَمِيعِ. عج وَيُؤَدَّبُ الْمُفْطِرُ فِي النَّفْلِ عَمْدًا حَرَامًا. الْبُنَانِيُّ هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ لِلَّخْمِيِّ. وَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ فِي رَمَضَانَ عَلَى أَنَّ مَنْ فَطَرَ النَّفَلَ عَمْدًا خِلَافًا بَيْنَ الْمَذَاهِبِ. قُلْت: اقْتِصَارُ اللَّخْمِيِّ عَلَى رَمَضَانَ لَا يُنَافِي أَنَّ النَّفَلَ كَذَلِكَ يُجَامِعُ الْمَعْصِيَةَ فِي كُلٍّ، وَسَيَقُولُ الْمُصَنِّفُ وَأُدِّبَ لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ. وَقَدْ أَطْلَقَ ابْنُ الْحَاجِبِ فَقَالَ وَيُؤَدَّبُ الْمُفْطِرُ عَمْدًا فَإِنْ جَاءَ تَائِبًا فَالظَّاهِرُ الْعَفْوُ، وَأَجْرَاهُ اللَّخْمِيُّ عَلَى الْخِلَافِ فِي شَاهِدِ الزُّورِ، وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ وَيُؤَدَّبُ عَامِدُ فِطْرِهِ انْتِهَاكًا إنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ، وَفِي الْآتِي مُسْتَفْتِيًا ثَالِثُهَا ذُو الْهُزْءِ لَا السَّتْرِ لِتَخْرِيجِ اللَّخْمِيِّ عَلَى قَوْلِهَا يُعَاقَبُ الْمُعْتَرِفُ بِشَهَادَةِ الزُّورِ، وَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ لَا يُؤَدَّبُ مَعَ رِوَايَةِ الْمَبْسُوطِ وَاخْتِيَارِهِ.
(إلَّا أَنْ يَأْتِيَ) الْمُفْطِرُ عَمْدًا قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ حَالَ كَوْنِهِ (تَائِبًا) فَلَا يُؤَدَّبُ (وَ) جَبَ (إطْعَامُ) أَيْ: تَمْلِيكُ طَعَامٍ مِنْ غَالِبِ قُوتِ أَهْلِ الْبَلَدِ قَدْرَ (مُدِّهِ) أَيْ: النَّبِيِّ (- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِ) شَخْصٍ (مُفَرِّطٍ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ: مُتَسَاهِلٍ (فِي) تَأْخِيرِ (قَضَاءِ رَمَضَانَ) بِلَا عُذْرٍ وَلَوْ رِقًّا أَوْ سَفِيهًا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَنَاسٍ الْبُرْزُلِيُّ هَذَا ظَاهِرُهَا. وَقَالَ السُّيُورِيُّ: لَا يُطْعِمُ وَاسْتَظْهَرَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَإِذَا لَمْ يُعْذَرْ النَّاسِي فَالْجَاهِلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute