مَشْرُوطَةٌ بِكَوْنِهِ وَصِحَّتُهُ لِمُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ بِمُطْلَقِ صَوْمٍ، وَلَوْ نَذْرًا وَمَسْجِدٍ إلَّا لِمَنْ فَرْضُهُ الْجُمُعَةُ، وَتَجِبُ بِهِ، فَالْجَامِعُ مِمَّا تَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ
ــ
[منح الجليل]
(وَصِحَّتُهُ) أَيْ: الِاعْتِكَافِ مَشْرُوطَةٌ بِكَوْنِهِ (لِمُسْلِمٍ) أَيْ: وَاقِعًا مِنْهُ (مُمَيِّزٍ) يَفْهَمُ الْخِطَابَ وَيُحْسِنُ رَدَّ الْجَوَابِ، فَلَا يَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ وَلَا مِنْ غَيْرِ مُمَيِّزٍ وَصِحَّتُهُ مَشْرُوطَةٌ أَيْضًا (بِمُطْلَقِ صَوْمٍ) سَوَاءٌ قُيِّدَ بِزَمَنٍ كَرَمَضَانَ أَوْ سَبَبٍ كَكَفَّارَةٍ وَنَذْرٍ أَوْ لَا وَلَا كَتَطَوُّعٍ. وَلَوْ قَالَ بِصَوْمٍ مُطْلَقٍ لَمْ يَشْمَلْ الْأَوَّلَيْنِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فَلَا يَصِحُّ مِنْ مُفْطِرٍ وَلَوْ لِعُذْرٍ، وَلَا مِمَّنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الصَّوْمِ لِهَرَمٍ أَوْ ضَعْفٍ بِنِيَّةٍ. وَقَالَ ابْنُ لُبَابَةَ يَصِحُّ بِلَا صَوْمٍ.
(وَلَوْ نُذِرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ: الِاعْتِكَافُ فَيَصِحُّ فِي رَمَضَانَ وَصَوْمُ الْكَفَّارَةِ وَالْهَدْيُ وَالْفِدْيَةُ وَجَزَاءُ الصَّيْدِ وَالتَّطَوُّعُ وَالنَّذْرُ، قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ. وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٍ لَا بُدَّ لِلِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ مِنْ صَوْمٍ يَخُصُّهُ بِنَذْرِهِ أَيْضًا فَلَا يُجْزِيهِ فِي رَمَضَانَ وَنَحْوِهِ، أَيْ:؛ لِأَنَّ نَذْرَ الِاعْتِكَافِ أَوْجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمَ؛ لِأَنَّهُ رُكْنُهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَشَرْطُهُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ. فَالْخِلَافُ فِي احْتِيَاجِ الْمَنْذُورِ لِصَوْمٍ خَاصٍّ، وَعَدَمُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الصَّوْمَ رُكْنُهُ أَوْ شَرْطُهُ، وَعَزْوُ الْأَوَّلِ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لِلْبَاجِيِّ، وَتَبِعَهُ فِي التَّوْضِيحِ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عَزْوُ الْبَاجِيَّ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْأَوَّلَ تَعَقَّبَهُ ابْنُ زَرْقُونٍ بِعَدَمِ وُجُودِهِ لَهُ، وَلَمْ يَحْكِ اللَّخْمِيُّ غَيْرَ الثَّانِي.
(وَ) صِحَّتُهُ (بِ) مُطْلَقِ (مَسْجِدٍ) مُبَاحٌ لِعُمُومِ النَّاسِ كَأَنْ تُصَلَّى فِيهِ الْجُمُعَةُ أَمْ لَا بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ، فَلَا يَصِحُّ فِي مَسْجِدِ بَيْتٍ وَلَوْ لِامْرَأَةٍ وَلَا فِي الْكَعْبَةِ وَإِنْ جَازَ لَهُ دُخُولُهَا (إلَّا لِمَنْ فَرْضُهُ الْجُمُعَةُ) وَهُوَ الذَّكَرُ الْبَالِغُ الْحُرُّ الْمُقِيمُ (وَ) هِيَ (تَجِبُ بِهِ) أَيْ: فِي زَمَنِ اعْتِكَافِهِ الَّذِي نَوَاهُ ابْتِدَاءً، كَنِيَّةِ اعْتِكَافِ عَشْرَةِ أَيَّامٍ أَوْ انْتِهَاءً كَنَذْرِ اعْتِكَافِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَوَّلُهَا السَّبْتُ فَمَرِضَ عَقِبَ يَوْمَيْنِ وَبَرِئَ يَوْمَ الْخَمِيسِ (فَالْجَامِعُ) أَيْ: الْمَسْجِدُ الَّذِي تُصَلَّى فِيهِ الْجُمُعَةُ يَجِبُ اعْتِكَافُهُ فِيهِ ابْتِدَاءً أَوْ انْتِهَاءً فِي أَيِّ جُزْءٍ مِنْهُ (مِمَّا تَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ) فَلَا يَصِحُّ فِي رَحْبَتِهِ الْخَارِجَةِ عَنْهُ وَلَا فِي طُرُقِهِ الْمُتَّصِلَةِ وَلَا فِيمَا حُجِرَ عَلَيْهِ مِنْهُ، كَبَيْتِ قَنَادِيلِهِ وَمِثْلُهُ الْمَسْجِدُ الَّذِي لَا تُصَلَّى الْجُمُعَةُ فِيهِ عَلَى تَقْدِيرِ صَلَاتِهَا فِيهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute