وَلَزِمَ يَوْمٌ إنْ نَذَرَ لَيْلَةً، لَا بَعْضَ يَوْمٍ وَتَتَابُعُهُ فِي مُطْلَقِهِ، وَمَنْوِيُّهُ حِينَ دُخُولِهِ: كَمُطْلَقِ الْجِوَارِ،
ــ
[منح الجليل]
الِاعْتِكَافَ وَهُوَ مَا لَا يَحْصُلُ بِهِ عَجْزٌ عَنْ شَيْءٍ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الصَّوْمَ وَبَقِيَّةَ الْعِبَادَاتِ كَذَلِكَ. وَيُمْنَعُ مِنْ كَثِيرٍ يُؤَدِّي لِعَجْزِهِ عَنْ شَيْءٍ مِنْهَا وَالْمُبَعِّضُ فِي يَوْمٍ نَفْسُهُ كَالْحُرِّ.
(وَلَزِمَ يَوْمٌ) أَيْ اعْتِكَافُهُ (إنْ نَذَرَ) أَنْ يَعْتَكِفَ (لَيْلَةً) وَعَكْسُهُ أَوْلَى. وَنَصَّ عَلَى الْأَصْلِيِّ رَدًّا عَلَى مَنْ قَالَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِنَذْرِهِ مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ (لَا) يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ (بَعْضَ يَوْمٍ) . الْقَرَافِيُّ لَوْ نَذَرَ عُكُوفَ بَعْضِ يَوْمٍ فَلَا يَصِحُّ عِنْدَنَا، خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وَمَا ذَكَرَ مِنْ عَدَمِ لُزُومِ شَيْءٍ اتَّفَقَ عَلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مَعَ اخْتِلَافِهِمَا فِيمَنْ نَذَرَ صَلَاةَ رَكْعَةٍ أَوْ صَوْمَ بَعْضِ يَوْمٍ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَلْزَمُهُ صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ وَصَوْمُ يَوْمٍ. وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَالْفَرْقُ ضَعْفُ الِاعْتِكَافِ وَقُوَّةُ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ بِكَوْنِهِمَا مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ.
(وَ) لَزِمَ (تَتَابُعُهُ) أَيْ الِاعْتِكَافِ (فِي) نَذْرِ (مُطْلَقِهِ) أَيْ: اعْتِكَافٍ مُطْلَقٍ عَنْ التَّقْيِيدِ بِتَتَابُعٍ أَوْ عَدَمِهِ؛ لِأَنَّهُ سُنَّتُهُ وَأَوْلَى إنْ قَيَّدَهُ بِالتَّتَابُعِ لَفْظًا أَوْ نِيَّةً، فَإِنْ قَيَّدَهُ بِالتَّفْرِيقِ فَلَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَنْدُوبًا فَلَهُ تَتَابُعُهُ وَتَفْرِيقُهُ (وَ) لَزِمَ (مَنْوِيُّهُ) أَيْ مَا نَوَاهُ مِنْ عَدَدِ الْأَيَّامِ أَوْ التَّتَابُعِ (حِينَ دُخُولِهِ) أَيْ: الْمُعْتَكِفِ الْمَسْجِدَ لِاعْتِكَافٍ مُتَطَوِّعٍ بِهِ، فَإِنْ نَوَى حِينَهُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ لَزِمَتْهُ، وَإِنْ نَوَى تَتَابُعَهَا حِينَهُ لَزِمَهُ. وَكَذَا إنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَإِنْ نَوَى التَّفْرِيقَ فَلَا يَلْزَمُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الِاعْتِكَافِ وَنَذْرِ صَوْمِ سَنَةٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ أَيَّامِ اسْتِغْرَاقِ الِاعْتِكَافِ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، فَشَأْنُهُ التَّتَابُعُ كَأَجَلِ الْإِجَارَةِ وَالْخِدْمَةِ وَالْيَمِينِ وَالدَّيْنِ وَاعْتِيَادِهِ فِيهِ وَالصَّوْمُ قَاصِرٌ عَلَى الْيَوْمِ، فَكَيْفَمَا فَعَلَهُ مُتَتَابِعًا أَوْ مُتَفَرِّقًا وَأَوْفَى الْعِدَّةَ فَقَدْ جَاءَ بِنَذْرِهِ.
وَشَبَّهَ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَحْكَامِ الِاعْتِكَافِ فَقَالَ (كَ) نَذْرٍ (مُطْلَقِ الْجِوَارِ) بِمَسْجِدٍ بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا أَيْ: الَّذِي لَمْ يُقَيَّدْ بِنَهَارٍ وَلَا لَيْلٍ، فَيَلْزَمُ تَتَابُعُهُ إنْ نَوَاهُ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَإِنْ نَوَى عَدَمَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ، وَيَلْزَمُ صَوْمُهُ فِيهِ وَيَمْنَعُ فِيهِ مَا يَمْنَعُ فِي الِاعْتِكَافِ وَيُبْطِلُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute