أَفْضَلِ الْأُمَمِ.
(وَبَعْدُ) فَقَدْ سَأَلَنِي جَمَاعَةٌ أَبَانَ اللَّهُ لِي وَلَهُمْ مَعَالِمَ
ــ
[منح الجليل]
قُرْبِ الْقِيَامَةِ.
(أَفْضَلِ) اسْمُ تَفْضِيلٍ مِنْ الْفَضْلِ أَيْ الشَّرَفِ، وَالْعِظَمِ (الْأُمَمِ) أَيْ الْأَتْبَاعِ فَبَيْنَ هَذَا وَالْأُمَمِ السَّابِقَةِ جِنَاسٌ تَامٌّ بِاتِّفَاقِ اللَّفْظَيْنِ وَاخْتِلَافِ الْمَعْنَيَيْنِ وَتَفْسِيرُهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ يَلْزَمُهُ تَكْرَارُ الْفَاصِلَةِ وَهُوَ عَيْبٌ فِي السَّجْعِ وَأَفْضَلِيَّةُ أُمَّتِهِ عَلَى بَاقِي الْأُمَمِ لِأَفْضَلِيَّتِهِ عَلَى بَاقِي الْمُرْسَلِينَ؛ إذْ التَّابِعُ يَشْرُفُ بِشَرَفِ مَتْبُوعِهِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ
(وَبَعْدُ) الْوَاوُ نَائِبَةٌ عَنْ " أَمَّا " وَ " أَمَّا " نَائِبَةٌ عَنْ " مَهْمَا يَكُنْ " وَ " بَعْدُ " ظَرْفٌ مَبْنِيٌّ لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى الْحَرْفِ وَهِيَ الْإِضَافَةُ لِحَذْفِ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَنِيَّةِ الْإِضَافَةِ بِهِ، وَحُرِّكَ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ وَضُمَّ لِتَكْمُلَ لَهُ الْحَرَكَاتُ؛ لِأَنَّهُ إذَا ذُكِرَ مَعَهُ الْمُضَافُ إلَيْهِ، أَوْ نُوِيَ لَفْظُهُ يُنْصَبُ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ أَوْ يُجَرُّ بِمِنْ بِلَا تَنْوِينٍ فَإِنْ لَمْ يُنْوَ لَفْظُهُ وَلَا مَعْنَاهُ نُصِبَ عَلَيْهَا، أَوْ جُرَّ بِمِنْ مُنَوَّنًا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ زَمَانِيٌّ بِاعْتِبَارِ النُّطْقِ وَأَنَّهُ مَكَانِيٌّ بِاعْتِبَارِ الْكِتَابَةِ، وَالْمُخْتَارُ تَعَلُّقُهُ بِجَوَابِ مَهْمَا الَّتِي نَابَتْ عَنْهَا الْوَاوُ بِوَاسِطَةِ نِيَابَتِهَا عَنْ أَمَّا وَالتَّقْدِيرُ مَهْمَا يَكُنْ شَيْءٌ.
(فَ) أَقُولُ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ، وَالْحَمْدَلَةِ وَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ (قَدْ) تَحْقِيقِيَّةٌ (سَأَلَنِي جَمَاعَةٌ) مَالِكِيَّةٌ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي (أَبَانَ) أَصْلُهُ أَبْيَنَ بِسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ، فَنُقِلَتْ الْفَتْحَةُ إلَى الْمُوَحَّدَةِ وَأُبْدِلَتْ الْيَاءُ أَلِفًا لِتَحَرُّكِهَا أَصَالَةً وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا الْآنَ وَمَعْنَاهُ: أَظْهَرَ (اللَّهُ) وَهُوَ خَبَرٌ لَفْظًا إنْشَاءٌ مَعْنًى أَيْ اللَّهُمَّ أَظْهِرْ إلَخْ وَعَبَّرَ بِالْخَبَرِ لِقُوَّةِ رَجَائِهِ الْإِجَابَةَ حَتَّى كَأَنَّهَا حَصَلَتْ وَأُخْبِرَ بِهَا.
(لِي) بَدَأَ فِي الدُّعَاءِ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهَا السُّنَّةُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ رَسُولِهِ نُوحٍ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [نوح: ٢٨] (وَلَهُمْ) أَيْ الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ سَأَلُونِي دَعَا لَهُمْ لِدَلَالَتِهِمْ عَلَى الْخَيْرِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: ٢] (مَعَالِمَ) بِفَتْحِ الْمِيمِ جَمْعُ مَعْلَمٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَاللَّامِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيُّ الْعَلَامَةُ الَّتِي يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى نَحْوِ الطَّرِيقِ، وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا الْأَدِلَّةُ لِتَشْبِيهِهَا بِالْمَعَالِمِ فِي الدَّلَالَةِ بِقَرِينَةِ إضَافَتِهَا إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute