للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَصَحَّ إنْ دَخَلَ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَاعْتِكَافُ عَشْرَةٍ،

ــ

[منح الجليل]

وَصَحَّ) الِاعْتِكَافُ (إنْ دَخَلَ) الْمُعْتَكِفُ الْمَسْجِدَ (قَبْلَ الْفَجْرِ) مِنْ اللَّيْلَةِ الَّتِي ابْتَدَأَ اعْتِكَافَهُ مِنْهَا سَوَاءٌ كَانَ اعْتِكَافُهُ مَنْوِيًّا أَوْ مَنْذُورًا مَعَ مُخَالَفَةِ الْمَنْدُوبِ فِي الْأَوَّلِ وَالْوَاجِبِ فِي الثَّانِي. ابْنُ الْحَاجِبِ مَنْ دَخَلَ قَبْلَ الْغُرُوبِ اعْتَدَّ بِيَوْمِهِ وَبَعْدَ الْفَجْرِ لَا يَعْتَدُّ بِهِ وَفِيمَا بَيْنَهُمَا قَوْلَانِ: التَّوْضِيحُ اخْتَلَفَ إذَا دَخَلَ بَيْنَهُمَا وَالْمَشْهُورُ الِاعْتِدَادُ. وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَعْتَدُّ، وَحَمَلَ قَوْلَهُ سَحْنُونٌ عَلَى التَّطَوُّعِ وَالْمَشْهُورُ عَلَى الْمَنْذُورِ. ابْنُ رُشْدٍ الظَّاهِرُ أَنَّهُ خِلَافُ ابْنِ هَارُونَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَنْ دَخَلَ عَقِبَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ وَإِنَّمَا مَحَلُّهُ فِيمَنْ دَخَلَ قَبْلَ الْفَجْرِ انْتَهَى.

وَفِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ عَكْسُ الْحَمْلِ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَصَّهُ ابْنُ رُشْدٍ وَحَمْلُ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ وَالْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْخِلَافِ أَظْهَرُ مِنْ حَمْلِ بَعْضِهِمْ الْأَوَّلَ عَلَى النَّذْرِ وَالثَّانِيَ عَلَى النَّفْلِ انْتَهَى. فَمَا فِي التَّوْضِيحِ سَبْقُ قَلَمٍ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ ابْنُ فَرْحُونٍ قَالَهُ طفي، فَالصَّوَابُ إبْقَاءُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى إطْلَاقِهِ لِاسْتِظْهَارِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ خِلَافًا. وَقَوْلِ التَّوْضِيحِ الْمَشْهُورِ الِاعْتِدَادُ وَعَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِلْمَعُونَةِ، وَرِوَايَةُ الْمَبْسُوطِ وَهُوَ عَلَى أَصْلِهِمْ أَنَّ مَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ لَا يَلْزَمُهُ لَيْلَةٌ لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ لُزُومِهَا وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَعَلَيْهِ مِنْ الدُّخُولِ قَبْلَ الْغَرْبِ كَمَا صَرَّحْت بِهِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ. وَدَرَجَ هُنَا عَلَى الصِّحَّةِ لِقَوْلِ التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ هُوَ الْمَشْهُورُ؛ لِأَنَّ إعَادَتَهُ اتِّبَاعُ الْمَشْهُورِ حَيْثُ وَجَدَهُ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ إلَى أَنَّهُ خِلَافُ مَا قَدَّمَهُ الَّذِي هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَهُ طفي.

(وَ) نُدِبَ (اعْتِكَافُ عَشْرَةٍ) مِنْ الْأَيَّامِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَنْقُصْ عَنْهَا وَهُوَ أَوَّلُ مَرَاتِبِ الْكَمَالِ وَنِهَايَتُهُ شَهْرٌ، وَيُكْرَهُ مَا زَادَ عَلَيْهِ كَمَا نَقَصَ عَنْ الْعَشَرَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ فِي كَوْنِ أَقَلِّ مُسْتَحَبِّهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً أَوْ عَشْرَةً قَوْلَا ابْنِ حَبِيبٍ وَغَيْرِهِ. ابْنُ حَبِيبٍ وَأَعْلَاهُ عَشْرَةٌ ابْنُ رُشْدٍ وَعَلَى أَنَّهَا أَيْ: الْعَشَرَةَ أَقَلُّهُ أَكْثَرُهُ شَهْرٌ. وَيُكْرَهُ مَا زَادَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ مَا دُونَ الْعَشْرِ كَرِهَهُ فِيهَا. وَقَالَ فِي غَيْرِهَا لَا بَأْسَ بِهِ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ اخْتَلَفَ فِي أَقَلِّ مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ الِاعْتِكَافُ فَقِيلَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَقِيلَ يَوْمٌ فَقَطْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>