وَالْمُرَادُ بِكَسَابِعَةٍ مَا بَقِيَ،
ــ
[منح الجليل]
وَالْمُرَادُ بِكَسَابِعَةٍ) أُدْخِلَتْ الْكَافُ الْخَامِسَةُ وَالتَّاسِعَةُ فِي حَدِيثِ الْتَمِسُوهَا أَيْ: لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي التَّاسِعَةِ أَوْ السَّابِعَةِ أَوْ الْخَامِسَةِ وَخَبَرُ الْمُرَادِ (مَا) أَيْ: الْعَدَدُ الَّذِي (بَقِيَ) مِنْ الْعَشْرِ الْأَخِيرِ لَا مَا مَضَى مِنْهُ، بِدَلِيلِ الْحَدِيثِ الْآخَرِ الَّذِي فِيهِ لِتَاسِعَةٍ تَبْقَى وَلِسَابِعَةٍ تَبْقَى وَلِخَامِسَةٍ تَبْقَى، فَحَمَلَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْحَدِيثَ الَّذِي أَطْلَقَ فِيهِ التَّاسِعَةَ وَالسَّابِعَةَ وَالْخَامِسَةَ عَلَى الْحَدِيثِ الْآخَرِ الَّذِي قَيَّدَهَا فِيهِ بِاَلَّتِي تَبْقَى. وَخَيْرُ مَا فَسَّرْته بِالْوَارِدِ. وَلَوْ قَالَ بِكَالسَّابِعَةِ بِالتَّعْرِيفِ لَكَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ إنَّمَا وَقَعَ فِيمَا فِيهِ التَّعْرِيفُ وَالْمُفَسِّرُ لَهُ مَا لَا تَعْرِيفَ فِيهِ. وَهَلْ يُعْتَبَرُ الشَّهْرُ نَاقِصًا وَهُوَ مَا عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ؛ لِأَنَّ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ كَوْنُهُ مِنْهُ وَلِمُوَافَقَتِهِ لِخَبَرِ طَلَبِ الْتِمَاسِهَا فِي الْأَفْرَادِ أَوْ كَامِلًا وَعَلَيْهِ الشَّاذِلِيُّ عَلَى الرِّسَالَةِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ الرَّاجِحُ وَعَلَيْهِ الْأَنْصَارُ؛ إذْ قَالُوا مَعْنَى قَوْلِهِ اُطْلُبُوهَا فِي تَاسِعَةٍ تَبْقَى هِيَ لَيْلَةُ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ وَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالْعَدَدِ مِنْكُمْ أَيْ: فَتَكُونُ فِي الْأَشْفَاعِ،؛ لِأَنَّهُ إذَا اعْتَبَرَ الشَّهْرَ مِنْ آخِرِهِ كَانَتْ أَشْفَاعُهُ أَوْتَارًا وَأَوْتَارُهُ أَشْفَاعًا انْتَهَى.
عب الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ كَوْنُهُ نَاقِصًا هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ؛ إذْ قَالَ: أَرَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ التَّاسِعَةَ لَيْلَةُ إحْدَى وَعِشْرِينَ، وَالسَّابِعَةُ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ. فِي التَّوْضِيحِ قَوْلُ مَالِكٍ يَأْتِي عَلَى أَنَّ الشَّهْرَ نَاقِصٌ وَكَأَنَّهُ اعْتَبَرَ الْمُحَقَّقَ وَأَلْغَى الْمَشْكُوكَ الثَّعَالِبِيُّ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَاَلَّذِي أَطْبَقَ النَّاسُ عَلَيْهِ فِي زَمَنِنَا هَذَا الْعَمَلُ عَلَى لَيْلَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَهُوَ حَدِيثُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَهُوَ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَنَصُّهُ عَنْ «أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَدْ قِيلَ لَهُ إنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ مَنْ قَامَ السَّنَةَ أَصَابَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَقَالَ أُبَيٌّ وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ إنَّهَا لَفِي رَمَضَانَ، وَاَللَّهِ إنِّي لَأَعْلَمُ أَيَّ لَيْلَةٍ هِيَ هِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقِيَامِهَا هِيَ لَيْلَةُ صَبِيحَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، وَأَمَارَتُهَا أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمٍ بَيْضَاءَ لَا شُعَاعَ لَهَا» . أَسْنَدَ هَذِهِ الْأَمَارَةَ فِي طَرِيقٍ أُخْرَى إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute