وَعَلَيْهِ حُرْمَتُهُ وَإِنْ أَخَّرَهُ: بَطَلَ، إلَّا لَيْلَةَ الْعِيدِ وَيَوْمَهُ،
ــ
[منح الجليل]
وَمَرَضٍ شَدِيدٍ أَوْ مِنْ الْمَسْجِدِ فَقَطْ كَسَلَسٍ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْمُعْتَكِفِ الَّذِي خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ لِمَانِعٍ مِنْهُ سَوَاءٌ مَنَعَ الصَّوْمَ أَيْضًا أَمْ لَا (حُرْمَتُهُ) أَيْ: الِاعْتِكَافِ فَلَا يَفْعَلُ مَا لَا يَفْعَلُهُ الْمُعْتَكِفُ مِنْ جِمَاعٍ أَوْ مُقَدِّمَاتِهِ، فَإِنْ زَالَ عُذْرُهُ رَجَعَ فَوْرًا لِلْبِنَاءِ.
(وَإِنْ أَخَّرَهُ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ: الرُّجُوعَ وَلَوْ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا (بَطَلَ) اعْتِكَافُهُ وَاسْتَأْنَفَهُ وُجُوبًا (إلَّا) تَأْخِيرُهُ الرُّجُوعَ (لَيْلَةَ الْعِيدِ وَيَوْمَهُ) فَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ لِعَدَمِ صِحَّةِ صَوْمِهِ لِكُلِّ أَحَدٍ بِخِلَافِ يَوْمِ الصِّحَّةِ مِنْ الْمَرَضِ وَالطُّهْرِ مِنْ الْحَيْضِ فَتَأْخِيرُ الرُّجُوعِ فِيهِ يُبْطِلُ الِاعْتِكَافَ لِصِحَّةِ صَوْمِهِ مِنْ غَيْرِ الْمَرِيضِ وَالْحَائِضِ وَمَنْ طَرَأَ عَلَيْهِ مَانِعٌ مِنْ الصَّوْمِ دُونَ الْمَسْجِدِ فِيهِ قَوْلَانِ، رَوَى فِي الْمَجْمُوعَةِ يَخْرُجُ. وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ لَا يَخْرُجُ حَكَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ نَاجِي وَغَيْرُهُمَا. فِي التَّوْضِيحِ وَالْخُرُوجُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَعَزَاهُ اللَّخْمِيُّ لَهَا أَيْضًا.
وَلَفْظُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَوْ طَرَأَ مَا يَمْنَعُ الصَّوْمَ فَقَطْ دُونَ الْمَسْجِدِ كَالْمَرِيضِ إنْ قَدَرَ وَالْحَائِضُ تَخْرُجُ ثُمَّ تَطْهُرُ، فَفِي لُزُومِ الْمَسْجِدِ ثَالِثُهَا الْمَشْهُورُ يَخْرُجَانِ فَإِذَا صَحَّ وَطَهُرَتْ رَجَعَا تِلْكَ السَّاعَةَ وَإِلَّا ابْتِدَاءً. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا مُشْكِلُ غَايَةٍ لِإِيهَامِهِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي لُزُومِ الْحَائِضِ الْمَسْجِدَ كَالْمَرِيضِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي لُزُومِ الْمَرِيضِ الْمَسْجِدَ وَعَوْدِ الْحَائِضِ لِلْمَسْجِدِ لَا لُزُومِهَا لَهُ وَإِطْلَاقُ اللُّزُومِ عَلَى الْعَوْدِ مَجَازٌ بَعِيدٌ، وَيَلْزَمُهُ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ. وَمَجَازُهُ وَرَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِنَفْيِ الْبُعْدِ وَلُزُومِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهَا لِإِجْرَاءِ أَحْكَامِ الْمُعْتَكِفِ عَلَيْهَا وَهِيَ خَارِجَةٌ مُلَازِمَةٌ لَهُ حُكْمًا وَبِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ وُضُوحُ تَصَوُّرِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ بَعْدَ ارْتِكَابِ مَا ذُكِرَ وَلَا يَتَّضِحُ فَإِنَّ الثَّالِثَ هُوَ الْأَوَّلُ.
وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِاعْتِبَارِ تَعْمِيمِ قَوْلِهِ مَا يَمْنَعُ الصَّوْمَ فَقَطْ فِي خَفِيفِ الْمَرَضِ ابْتِدَاءً وَمَا خَفَّ بَعْدَ شِدَّتِهِ وَمَنْعِهِ لِمَسْجِدٍ، وَتَقْرِيرُهَا الْأَوَّلَ بَقَاءُ ذِي الْخَفِيفِ ابْتِدَاءً وَرُجُوعُ ذِي الْخَفِيفِ بَعْدَ شِدَّتِهِ وَالْحَائِضُ لِاشْتِرَاكِ الْكُلِّ فِي مَنْعِ مُفَارَقَةِ الْمَسْجِدِ وَهُوَ مَعْنَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute