بِلَا نِيَّةِ نَفْلٍ، وَوَجَبَ بِاسْتِطَاعَةٍ بِإِمْكَانِ الْوُصُولِ: بِلَا مَشَقَّةٍ عَظُمَتْ، وَأَمْنٍ عَلَى نَفْسٍ وَمَالٍ؛ إلَّا لِأَخْذِ ظَالِمٍ مَا
ــ
[منح الجليل]
يَقَعُ مِنْهُ فَرْضًا وَلَوْ صَارَ حُرًّا مُكَلَّفًا فِي أَثْنَاءِ حَجِّهِ فَلَا يَنْقَلِبُ فَرْضًا وَلَا يَرْتَفِضُ وَلَا يَرْتَدِفُ عَلَيْهِ إحْرَامٌ آخَرُ فَيُتِمُّهُ نَفْلًا وُجُوبًا، وَيَحُجُّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ.
وَقَوْلُهُ (بِلَا نِيَّةِ نَفْلٍ) شَرْطٌ فِي وُقُوعِهِ فَرْضًا فَقَطْ وَمَنْطُوقُهُ صَادِقٌ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ وَالْإِطْلَاقِ، وَيَنْصَرِفُ لِلْفَرْضِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ نَوَى بِهِ النَّفَلَ فَلَا يَقَعُ فَرْضًا، وَهُوَ كَذَلِكَ فَيَنْعَقِدُ نَفْلًا وَعَلَيْهِ إتْمَامُهُ وَحَجُّ الْفَرْضِ فِي عَامٍ آخَرَ.
(وَوَجَبَ) الْحَجُّ (بِاسْتِطَاعَةٍ) فَلَا يَجِبُ عَلَى حُرٍّ مُكَلَّفٍ غَيْرِ مُسْتَطِيعٍ، وَلَكِنْ إنْ تَكَلَّفَهُ وَهُوَ صَرُورَةٌ وَقَعَ فَرْضًا فَلَيْسَتْ شَرْطًا فِي وُقُوعِهِ فَرْضًا فَلِذَا لَمْ يَقُلْ وَاسْتِطَاعَةٌ لِإِيهَامِهِ شَرْطِيَّتَهَا فِيهِ أَيْضًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَصُوَرُ الِاسْتِطَاعَةِ بِقَوْلِهِ (بِإِمْكَانِ الْوُصُولِ) لِأَمَاكِنِ الْمَنَاسِكِ مِنْ مَكَّةَ وَمِنًى وَعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ إمْكَانًا عَادِيًا لَا خَارِقًا لِلْعَادَةِ كَخُطْوَةٍ وَطَيَرَانٍ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا وَقَعَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكِنْ إنْ وَقَعَ أَجْزَأَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ كَتَكَلُّفِ غَيْرِ مُسْتَطِيعِهِ.
(بِلَا مَشَقَّةٍ عَظُمَتْ) أَيْ: خَرَجَتْ عَنْ الْمُعْتَادِ مِنْ مَحَلِّ الضَّرُورَةِ بِالنِّسْبَةِ لَهُ، وَهِيَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ وَالْأَزْمِنَةِ وَالْأَمْكِنَةِ، فَلَيْسَ الشَّيْخُ كَالشَّابِّ، وَلَا الْمَرِيضُ كَالصَّحِيحِ وَلَا الْفَقِيرُ كَالْغَنِيِّ، وَلَا الْحَضَرِيُّ كَالْبَدْوِيِّ، فَفِي الْحَطّ التَّشْنِيعُ عَلَى مَنْ أَطْلَقَ السُّقُوطَ عَنْ أَهْلِ الْمَغْرِبِ (وَ) بِ (أَمْنٍ عَلَى نَفْسٍ) مِنْ هَلَاكٍ وَشَدِيدِ أَذًى وَقَتْلٍ وَأَسْرٍ وَسِبَاعٍ (وَمَالٍ) مِنْ مُحَارِبٍ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ وَغَاصِبٍ، وَأَخْذِ ظَالِمٍ يَنْكُثُ أَوْ كَثِيرًا، لَا مِنْ سَارِقٍ يَنْدَفِعُ بِالْحِرَاسَةِ وَهَذَا مِنْ عَطْفِ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ.
وَاسْتَثْنَى مِنْ مَفْهُومِ وَأَمْنٍ عَلَى مَالٍ فَقَالَ (إلَّا لِأَخْذِ) شَخْصٍ (ظَالِمٍ مَا) أَيْ مَالًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute