وَزِيَادَةِ مَحْرَمٍ أَوْ زَوْجٍ لَهَا.
ــ
[منح الجليل]
ابْنُ الْقَاسِمِ مَعَ رِوَايَتِهِ فِي الْمَجْمُوعَةِ. ابْنُ رُشْدٍ قِيلَ يَسْقُطُ بِهِ عَنْ الرَّجُلِ وَهُوَ ضَعِيفٌ (وَ) إلَّا فِي (زِيَادَةِ مَحْرَمٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالرَّاءِ.
(أَوْ زَوْجٍ لَهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ يَوْمَيْنِ إلَّا وَمَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ» ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُسَافِرُ يَوْمًا وَلَيْلَةً إلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ» ، وَرُوِيَ نِصْفُ يَوْمٍ وَيَوْمَيْنِ وَثَلَاثَةٍ وَلَيْلَةٍ وَبَرِيدًا. وَرُوِيَ «لَا تُسَافِرُ امْرَأَةٌ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» فَرَدُّوا رِوَايَاتِ التَّحْدِيدِ إلَى رِوَايَةِ الْإِطْلَاقِ لِمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الْمُطْلَقَ إنَّمَا يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ بِقَيْدٍ وَاحِدٍ لَا بِأَزْيَدَ مِنْ قَيْدٍ فَتَسْقُطُ الْقُيُودُ لِتَعَارُضِهَا وَيُعْمَلُ بِالْمُطْلَقِ.
وَأُجِيبُ أَيْضًا بِأَنَّ رِوَايَاتِ التَّحْدِيدِ إنَّمَا وَرَدَتْ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ أَسْئِلَةِ السَّائِلِينَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ «سُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ تُسَافِرُ امْرَأَةٌ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ؟ فَقَالَ: لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ يَوْمَيْنِ إلَّا وَمَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ» . وَكَذَا بَاقِي رِوَايَاتِ التَّقْيِيدِ فَلَا مَفْهُومَ لَهَا، وَالْمُرَادُ مَا يُسَمَّى سَفَرٌ لُغَةً لِحُرْمَةِ اخْتِلَائِهَا بِأَجْنَبِيٍّ وَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ زِيَادَةَ الْمَحْرَمِ أَوْ الزَّوْجِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ اعْتِبَارُهُ فِي اسْتِطَاعَةِ الرَّجُلِ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ زِيَادَتَهُ عَنْ وَاحِدٍ وَتَعَدُّدَهُ. الْحَطَّابُ وَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُ بَلْ تَمْيِيزُهُ وَكِفَايَتُهُ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَشَمِلَ الْمَحْرَمُ رَبِيبُهَا.
وَكَرِهَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - سَفَرَهَا مَعَهُ لِفَسَادِ الزَّمَانِ وَلِخَوْفِ ضَيْعَتِهَا مَعَهُ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْعَدَاوَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَسَمِعَ الْقَرِينَانِ لَا تَخْرُجُ مَعَ خَتْنِهَا دُونَ جَمَاعَةِ النَّاسِ. ابْنُ رُشْدٍ كَسَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ كَرَاهَةَ سَفَرِهَا مَعَ رَبِيبِهَا أَوْ حَمْوِهَا لِحَدَاثَةِ حُرْمَتِهِمَا. الْبَاجِيَّ كَرَاهَتُهُ مَعَ رَبِيبِهَا لِعَدَاوَتِهَا الرَّبِيبَ وَقِلَّةِ شَفَقَتِهِ وَسَائِرِ مَحَارِمِ الصِّهْرِ وَالرَّضَاعِ، وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلِ كَالْمَرْأَةِ، وَإِنْ امْتَنَعَ الزَّوْجُ أَوْ الْمَحْرَمُ مِنْ السَّفَرِ مَعَهَا إلَّا بِأُجْرَةٍ لَزِمَتْهَا إنْ قَدَرَتْ عَلَيْهَا وَحَرُمَ عَلَيْهَا السَّفَرُ مَعَ الرُّفْقَةِ الْمَأْمُونَةِ حِينَئِذٍ، فَإِنْ امْتَنَعَ بِكُلِّ وَجْهٍ أَوْ طَلَبِ أُجْرَةٍ زَائِدَةٍ لَا تَقْدِرُ عَلَيْهَا خَرَجَتْ مَعَ الرُّفْقَةِ، وَاخْتُلِفَ فِي سَفَرِهَا مَعَ عَبْدِهَا فَرَجَّحَ ابْنُ الْقَطَّانِ سَفَرَهَا مَعَهُ مُطْلَقًا وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ الْفُرَاتِ مَنْعَهُ مُطْلَقًا، وَعَزَا ابْنُ الْقَطَّانِ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنِ الْقَصَّارِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى سَفَرَهَا مَعَ الْوَفْدِ فَقَطْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute