وَفُضِّلَ حَجٌّ عَلَى غَزْوٍ، إلَّا لِخَوْفٍ.
وَرُكُوبٌ،
ــ
[منح الجليل]
(وَفُضِّلَ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ مُشَدَّدَةً (حَجٌّ) وَلَوْ نَفْلًا (عَلَى غَزْوٍ) نَفْلٍ أَوْ فَرْضِ كِفَايَةٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (إلَّا لِخَوْفٍ) مِنْ الْكُفَّارِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَيُفَضَّلُ الْغَزْوُ عَلَى الْحَجِّ النَّفْلِ أَوْ الْفَرْضِ عَلَى الْقَوْلِ بِتَرَاخِيهِ لِخَوْفِ الْفَوَاتِ فَإِنْ كَثُرَ الْخَوْفُ أَوْ اشْتَدَّ أَوْ فَجَأَ الْعَدُوُّ أَوْ عَيَّنَهُ الْإِمَامُ قُدِّمَ الْغَزْوُ عَلَى الْحَجِّ وَلَوْ عَلَى فَوْرِيَّتِهِ أَوْ مَعَ خَوْفِ فَوَاتِهِ وَعَلَى صَدَقَةِ تَطَوُّعٍ فِي غَيْرِ مَجَاعَةٍ، وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ الْعِتْقِ إنْ سَاوَتْهُ قَدْرًا وَإِلَّا فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْهَا، أَفَادَ عب. الْبُنَانِيُّ يَتَحَصَّلُ فِي الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعُ صُوَرٍ: حَجُّ التَّطَوُّعِ مَعَ الْغَزْوِ فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَحَجُّ الْفَرْضِ مَعَ الْغَزْوِ كَذَلِكَ وَحَجُّ التَّطَوُّعِ مَعَ الْغَزْوِ فِي سَنَةِ خَوْفٍ، وَحَجُّ الْفَرْضِ مَعَ الْغَزْوِ كَذَلِكَ، فَفِي الْأُولَى يُقَدَّمُ الْحَجُّ نَدْبًا عَلَى الْغَزْوِ، وَفِي الثَّانِيَةِ يُقَدَّمُ الْحَجُّ نَدْبًا عَلَى التَّرَاخِي وَوُجُوبًا عَلَى الْفَوْرِ، وَفِي الثَّالِثَةِ يُقَدَّمُ الْغَزْوُ نَدْبًا، وَفِي الرَّابِعَةِ عَلَى التَّرَاخِي يُقَدَّمُ الْغَزْوُ وَعَلَى الْفَوْرِ يُنْظَرُ إلَى كَثْرَةِ الْخَوْفِ وَقِلَّتِهِ، وَمَا ذُكِرَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُولَى قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَمَا ذُكِرَ فِي الرَّابِعَةِ اسْتَظْهَرَهُ الْحَطّ قَائِلًا لَمْ أَرَ فِيهَا نَصًّا، وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَجِبْ الْغَزْوُ عَلَى الْأَعْيَانِ لِفَجْءِ الْعَدُوِّ وَإِلَّا فَلَا شَكَّ فِي تَقْدِيمِهِ قَوْلًا وَاحِدًا. .
(وَ) فُضِّلَ (رُكُوبٌ) عَلَى مَشْيٍ فِي سَفَرِ الْحَجِّ وَفِي الْخُرُوجِ مِنْ مَكَّةَ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ إلَى مِنًى، وَفِي التَّوَجُّهِ مِنْهَا إلَى عَرَفَةَ، وَفِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَفِي الرَّدِّ مِنْهَا إلَى مُزْدَلِفَةَ وَفِي الْوُقُوفِ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ، وَفِي الدَّفْعِ مِنْهُ إلَى مِنًى وَفِي رَمْيِ الْعَقَبَةِ حِينَ وُصُولِ مِنًى، وَفِي الذَّهَابِ لِمَكَّةَ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَفِي الرُّجُوعِ إلَى مِنًى لِلْمَبِيتِ بِهَا وَفِي الذَّهَابِ مِنْهَا إلَى الْمُحَصَّبِ. وَأَمَّا الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ فَالْمَشْيُ فِيهِمَا وَاجِبٌ وَرَمْيُ الْجِمَارِ فِي الْيَوْمَيْنِ أَوْ الثَّلَاثَةِ فَيُنْدَبُ فِيهِ الْمَشْيُ وَفُضِّلَ الرُّكُوبُ فِيمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِمُضَاعَفَةِ النَّفَقَةِ وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِلشُّكْرِ وَأَعْوَنُ عَلَى الْمَنَاسِكِ لَا يُقَالُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - «إنَّ لِلرَّاكِبِ بِكُلِّ خُطْوَةٍ تَخْطُوهَا رَاحِلَتُهُ سَبْعِينَ حَسَنَةً، وَلِلْمَاشِي بِكُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا سَبْعَمِائَةِ حَسَنَةٍ» .
وَحَدِيثُ «إنَّ الْمَلَائِكَةَ تُصَافِحُ الرَّاكِبَ وَتَعْتَنِقُ الْمَاشِيَ» يُفِيدَانِ أَفْضَلِيَّةَ الْمَشْيِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute