يَقُولُ حُجَّ عَنِّي وَأَدْفَعُ لَك مِائَةَ دِينَارٍ مَثَلًا تُنْفِقُ مِنْهَا عَلَى نَفْسِك كُلَّ يَوْمٍ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ مَثَلًا فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ الْعَقْدِ أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعُرْفِ وَالْبَلَاغُ: إعْطَاءُ مَا يُنْفِقُهُ بَدْءًا وَعَوْدًا بِالْعُرْفِ، وَفِي هَدْيٍ وَفِدْيَةٍ لَمْ يَتَعَمَّدْ مُوجِبُهُمَا،
ــ
[منح الجليل]
الْمُعْجَمَةِ. وَأَمَّا إنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْوَفَاءِ وَقَبْلَ الْمَشْيِ فَلَا إشْكَالَ فِي الرُّجُوعِ عَلَيْهِ فِي الْعَامِ الْمُعَيَّنِ مُطْلَقًا وَغَيْرُهُ إنْ لَمْ يَرُدَّ الْحَجَّ عَلَى مَا فُهِمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَالْبَلَاغُ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ حَقِيقَتُهُ شَرْعًا إجَارَةٌ عَلَى الْحَجِّ أُجْرَتُهَا (إعْطَاءُ مَا) أَيْ: مَالٍ (يُنْفِقُهُ) الْأَجِيرُ عَلَى نَفْسِهِ فِي سَفَرٍ لِلْحَجِّ (بَدْءًا) أَيْ: ذَهَابًا مِنْ الْبَلَدِ إلَى مَكَّةَ وَمِنًى وَعَرَفَةَ (وَعَوْدًا) أَيْ: رُجُوعًا مِنْهَا لِلْبَلَدِ إنْفَاقًا (بِالْعُرْفِ) أَيْ: الْمَعْرُوفِ بَيْنَ النَّاسِ بِلَا إسْرَافٍ وَلَا تَقْتِيرٍ فِيمَا يُصْلِحُهُ مِنْ كَعْكٍ وَزَيْتٍ وَلَحْمٍ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَوِطَاءٍ وَلِحَافٍ وَخِفَافٍ وَثِيَابٍ وَشَبَهِهَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُرَاعِي الْعُرْفَ فِيمَا يُنْفِقُهُ ابْتِدَاءً.
وَقَالَ الْحَطّ قَوْلُهُ بِالْعُرْفِ أَيْ: بَعْدَ الْوُقُوعِ، وَأَمَّا أَوَّلًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ لَهُ النَّفَقَةَ بِأَنْ يَقُولَ حُجَّ عَنِّي وَأَدْفَعُ لَك مِائَةَ دِينَارٍ مَثَلًا تُنْفِقُ مِنْهَا عَلَى نَفْسِك كُلَّ يَوْمٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مَثَلًا فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ الْعَقْدِ أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعُرْفِ وَدَلَّ قَوْلُهُ إعْطَاءٌ عَلَى أَنَّهُ إنْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ كُلَّ النَّفَقَةِ أَوْ بَعْضَهَا مِنْ عِنْدِهِ ثُمَّ يَدْفَعَ لَهُ عِوَضَ مَا أَنْفَقَهُ فَلَيْسَ بَلَاغًا جَائِزًا وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ هُوَ سَلَفٌ وَإِجَارَةٌ بِشَرْطٍ فَهِيَ فَاسِدَةٌ قَالَهُ سَنَدٌ. وَيَرُدُّ مَا مَا فَضَلَ مِنْ الْمَالِ وَالثِّيَابِ الَّتِي اشْتَرَاهَا وَنَحْوِهَا.
(وَفِي هَدْيٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى بَدْءٍ أَوْ عَوْدٍ قَالَهُ الْفِيشِيُّ وَهُوَ أَقْرَبُ مِنْ قَوْلِ تت، عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ مُتَعَلِّقٍ بِنَفَقَةٍ أَيْ عَلَى نَفْسِهِ.
فَإِنْ قُلْت هَذَانِ التَّقْرِيرَانِ يُفِيدَانِ إعْطَاءَ مَا يُنْفِقُهُ فِي هَدْيٍ وَفِدْيَةٍ مِنْ مُسَمَّى الْبَلَاغِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. قُلْت بَلْ هُوَ مِنْهُ قَالَهُ الْحَطّ وَأَمَّا جَعْلُهُ عَطْفًا عَلَى مُقَدَّرٍ مُتَعَلِّقٍ بِجَوَابِ شَرْطٍ مُقَدَّرَيْنِ، أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكْفِهِ مَا أَعْطَاهُ لَهُ رَجَعَ بِمَا أَنْفَقَهُ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، وَفِي هَدْيٍ فَفِي غَايَةِ التَّكْلِيفِ بِلَا ضَرُورَةٍ.
(وَ) فِي (فِدْيَةٍ لَمْ يَتَعَمَّدْ) الْأَجِيرُ (مُوجِبَهُمَا) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ: سَبَبِ وُجُوبِ الْهَدْيِ وَالْفِدْيَةِ بِأَنَّ فِعْلَهُ اخْتِيَارُ الْغَيْرِ وَعُذِرَ بِأَنَّ فِعْلَهُ لِعُذْرٍ كَإِكْرَاهٍ أَوْ نِسْيَانٍ أَوْ مَرَضٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute