ثُمَّ أُذِّنَ، وَجَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرَيْنِ إثْرَ الزَّوَالِ، وَدُعَاءٌ وَتَضَرُّعٌ لِلْغُرُوبِ، وَوُقُوفُهُ بِوُضُوءٍ، وَرُكُوبُهُ بِهِ،
ــ
[منح الجليل]
الْإِكْمَالِ فِي خُطْبَةِ عَرَفَةَ هِيَ سُنَّةٌ فِي قَوْلِ الْمَدَنِيِّينَ وَالْمَغَارِبَةِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لَيْسَ عَرَفَةُ بِمَوْضِعِ خُطْبَةٍ وَهُوَ قَوْلُ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْ أَصْحَابِنَا يُعَلَّمُ النَّاسُ فِيهِمَا الْمَنَاسِكَ مِنْ جَمْعِهِمْ الظُّهْرَيْنِ بِعَرَفَةَ وَوُقُوفِهِمْ بِهَا إلَى الْغُرُوبِ لِلتَّضَرُّعِ وَالدُّعَاءِ، وَدَفْعِهِمْ مِنْهَا عَقِبَ الْغُرُوبِ بِدُونِ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ إلَى مُزْدَلِفَةَ وَنُزُولِهِمْ بِهَا، وَجَمْعِهِمْ الْعِشَاءَيْنِ بِهَا وَمَبِيتِهِمْ بِهَا وَصَلَاتِهِمْ الصُّبْحَ بِهَا بِغَلَسٍ، وَوُقُوفِهِمْ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ إلَى الْإِسْفَارِ الْبَيِّنِ وَدَفْعِهِمْ إلَى مِنًى قَبْلَ شُرُوقِ الشَّمْسِ، وَإِسْرَاعِهِمْ بِبَطْنِ مُحَسِّرٍ وَرَمْيِهِمْ الْعَقَبَةَ بِمُجَرَّدِ وُصُولِهِمْ إلَى مِنًى، وَتَذْكِيَتِهِمْ هَدَايَاهُمْ وَحَلْقِهِمْ أَوْ تَقْصِيرِهِمْ بِنِيَّةِ التَّحَلُّلِ وَالْمُبَادَرَةِ لِمَكَّةَ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَرُجُوعِهِمْ لِمِنًى لِلْمَبِيتِ وَالرَّمْيِ.
(ثُمَّ) بَعْدَ فَرَاغِ الْخُطْبَتَيْنِ أَوْ قَبْلَهُ بِيَسِيرٍ (أُذِّنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا وَأُقِيمَ لِلظُّهْرِ وَالْإِمَامُ جَالِسٌ عَلَى الْمِنْبَرِ فِيهَا، وَيُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ إنْ شَاءَ فِي الْخُطْبَةِ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِهَا اهـ. وَلَفْظُ الْأُمَّهَاتِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسُئِلَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - عَنْ الْمُؤَذِّنِ مَتَى يُؤَذِّنُ يَوْمَ عَرَفَةَ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ خُطْبَتِهِ، أَوْ وَهُوَ يَخْطُبُ قَالَ ذَلِكَ وَاسِعٌ إنْ شَاءَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ وَإِنْ شَاءَ بَعْدَمَا يَفْرُغُ مِنْ خُطْبَتِهِ.
(وَجَمَعَ) الْإِمَامُ إذَا نَزَلَ (بَيْنَ الظُّهْرَيْنِ) جَمْعَ تَقْدِيمٍ بِأَذَانٍ ثَانٍ وَإِقَامَةٍ لِلْعَصْرِ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ الْجَلَّابِ وَهُوَ الْأَشْهَرُ وَقِيلَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ الْمَوَّازِ، وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لِإِطْلَاقِهِ الْأَذَانَ (إثْرَ الزَّوَالِ) وَقَوْلُهُ ثُمَّ أَذَّنَ إلَخْ يُفِيدُ تَأْخِيرَ الْأَذَانِ وَالْجَمْعَ عَنْ الْخُطْبَتَيْنِ، وَلَوْ قَالَ: إثْرَ النُّزُولِ لَكَانَ أَظْهَرَ وَمَنْ فَاتَهُ جَمْعُهُمَا مَعَ الْإِمَامِ جَمَعَهُمَا وَحْدَهُ، فَإِنْ تَرَكَهُ جُمْلَةً فَعَلَيْهِ دَمٌ قَالَهُ فِي اللُّمَعِ. الْبَدْرُ هَذَا غَرِيبٌ أَنَّ الدَّمَ فِي تَرْكِ سُنَّةٍ فَلَعَلَّهُ ضَعِيفٌ.
(وَ) نُدِبَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الصَّلَاتَيْنِ (دُعَاءٌ وَتَضَرُّعٌ لِلْغُرُوبِ) بِعَرَفَةَ (وَ) نُدِبَ (وُقُوفٌ) هـ أَيْ: حُضُورُهُ فِي عَرَفَةَ (بِوُضُوءٍ) هَذَا مَصَبُّ النَّدْبِ (وَ) نُدِبَ (رُكُوبُهُ بِهِ) أَيْ: فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute