وَطَلَبُ بَدَنَتِهِ لَهُ لِيَحْلِقَ، ثُمَّ حَلْقُهُ وَلَوْ بِنُورَةٍ، وَإِنْ عَمَّ رَأْسَهُ، وَالتَّقْصِيرُ مُجْزٍ
ــ
[منح الجليل]
الْفَجْرِ وَقَبْلَ الشَّمْسِ. سَنَدٌ بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ لِتَعَلُّقِهَا بِالصَّلَاةِ وَلَا صَلَاةَ عِيدٍ عَلَى أَهْلِ مِنًى (وَطَلَبُ بَدَنَتِهِ) الضَّالَّةِ مِنْهُ (لَهُ) أَيْ: الزَّوَالِ أَيْ: قُرْبِهِ بِقَدْرِ حَلْقِهِ قَبْلَهُ (لِيَحْلِقَ) رَأْسَهُ قَبْلَهُ بَعْدَ نَحْرِهَا فَكِلَاهُمَا مَنْدُوبٌ قَبْلَهُ مَكْرُوهٌ بَعْدَهُ، فَإِنْ لَمْ يَحُدَّهَا وَخَشِيَ الزَّوَالَ حَلَقَ لِئَلَّا تَفُوتَهُ الْفَضِيلَتَانِ، وَالْأَصْلُ فِي تَقْدِيمِ النَّحْرِ عَلَى الْحَلْقِ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: ١٩٦] وَدَلَّ «قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ سَأَلَهُ عَنْ الْحَلْقِ قَبْلَ الذَّبْحِ افْعَلْ وَلَا حَرَجَ» ، عَلَى أَنَّ النَّهْيَ فِي الْآيَةِ لِلتَّنْزِيهِ.
(ثُمَّ نَدَبَ حَلْقَهُ) يُحْتَمَلُ أَنَّ النَّدْبَ مُنْصَبٌّ عَلَى تَقْدِيمِ الْحَلْقِ عَلَى التَّقْصِيرِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مُنَصَّبٌ عَلَى تَأْخِيرِ الْحَلْقِ عَنْ النَّحْرِ وَتَقْدِيمِهِ عَلَى الْإِفَاضَةِ، وَعَلَى كُلٍّ فَلَا يُنَافِي كَوْنَ الْحَلْقِ أَوْ التَّقْصِيرِ وَاجِبًا. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُفْرِدِ وَالْقَارِنِ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَقَالَ ابْنُ الْجَهْمِ الْمَكِّيِّ الْقَارِنُ لَا يَحْلِقُ حَتَّى يَطُوفَ وَيَسْعَى وَيَلْزَمُهُ هَذَا فِي حَقِّ كُلِّ مَنْ أَخَّرَ السَّعْيَ إلَى طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَالصَّبِيُّ كَالْبَالِغِ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ بِرَأْسِهِ وَجَعٌ لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى الْحَلْقِ يُهْدِي. قَالَ بَعْضٌ: فَإِنْ صَحَّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَلْقُ وَيَبْدَأُ بِالشِّقِّ الْأَيْمَنِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ بِهَذَا وَالنَّدْبُ لِلْمَحْلُوقِ عَلَى الظَّاهِرِ.
وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْحَلْقَ عَلَى مُطْلَقِ الْإِزَالَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَلَوْ بِنُورَةِ) بِضَمِّ النُّونِ أَيْ: شَيْءٍ مَخْلُوطٍ مِنْ جِيرٍ وَزِرْنِيخٍ يُزَالُ بِهِ الشَّعْرُ إذْ الْحَلْقُ إنَّمَا يَكُونُ بِالْمُوسَى وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ أَشْهَبَ لَا يُجْزِئُ الْحَلْقُ بِهَا تَعَبُّدًا، وَضَمِيرُ حَلْقِهِ لِلذَّكَرِ وَمِثْلُهُ الْبِنْتُ الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ تِسْعَ سِنِينَ فَيَجُوزُ لَهَا الْحَلْقُ وَالتَّقْصِيرُ، وَذَكَرَ الْبَدْر أَنَّ حَلْقُهَا أَفْضَلُ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ رَوَى مُحَمَّدٌ حَلْقَ الصَّغِيرَةِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ تَقْصِيرِهَا وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ التَّخْيِيرَ. اللَّخْمِيُّ بِنْتُ تِسْعٍ كَكَبِيرَةٍ وَيَجُوزُ فِي الصَّغِيرَةِ الْأَمْرَانِ وَالْمُبَالَغَةُ فِي الْجَوَازِ لَا فِي الْأَفْضَلِيَّةِ مِثْلُ قَوْلِهِ كَتُرَابٍ وَهُوَ الْأَفْضَلُ وَلَوْ نُقِلَ (إنْ عَمَّ) الْحَلْقُ الْمَذْكُورُ سَوَاءٌ كَانَ بِمُوسَى أَوْ نُورَةٍ (رَأْسَهُ) فَلَا يَكْفِي حَلْقُ بَعْضِهِ وَلَوْ أَكْثَرَهُ.
(وَالتَّقْصِيرُ مُجْزٍ) وَالْحَلْقُ أَفْضَلُ إلَّا لِمُتَمَتِّعٍ تَحَلَّلَ مِنْ عُمْرَتِهِ وَنَوَى الْحَجَّ مِنْ عَامِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute