وَعَادَ لِلْمَبِيتِ بِمِنًى فَوْقَ الْعَقَبَةِ ثَلَاثًا، وَإِنْ تَرَكَ جُلَّ لَيْلَةٍ فَدَمٌ أَوْ لَيْلَتَيْنِ إنْ تَعَجَّلَ، وَلَوْ بَاتَ
ــ
[منح الجليل]
وَأَجَابَ الْقَسْطَلَّانِيُّ عَنْ الصُّورَتَيْنِ بِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَمَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - تَأَوَّلَا الْحَدِيثَ عَلَى نَفْيِ الْإِثْمِ لِعُذْرِهِمْ بِجَهْلِهِمْ وَنِسْيَانِهِمْ بِدَلِيلِ قَوْلِ السَّائِلِ لَمْ أَشْعُرْ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ بِلَفْظِ رَمَيْت وَحَلَقْت وَنَسِيت أَنْ أَنْحَرَ، وَأَمَّا الدَّمُ فَأَخَذَا وُجُوبَهُ مِمَّا رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ مَنْ قَدَّمَ شَيْئًا فِي حَجِّهِ أَوْ أَخَّرَهُ فَلْيُهْرِقْ لِذَلِكَ دَمًا اهـ. لَكِنْ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي السَّنَدِ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - ضَعِيفٌ وَهُوَ إبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرٍ
قَالَ وَعَلَى تَقْدِيرِ الصِّحَّةِ يَلْزَمُ مَنْ أَخَذَ بِرِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنْ يُوجِبَ الدَّمَ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا يَخُصُّهُ بِالْحَلْقِ أَوْ الْإِفَاضَةِ قَبْلَ الرَّمْيِ.
(وَعَادَ) الْحَاجُّ وُجُوبًا بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ يَوْمَ الْعِيدِ (لِلْمَبِيتِ بِمِنًى) أَيْ: فِيهَا فَلَا يَجِبُ الْعَوْدُ بِمِنًى فَوْرًا وَيَجُوزُ التَّأْخِيرُ نَهَارًا وَلَكِنَّ الْفَوْرَ أَفْضَلُ، وَلَا يَرْجِعُ مِنْ مِنًى إلَى مَكَّةَ فِي غَيْرِ يَوْمِ الْعِيدِ وَيَلْزَمُ مَسْجِدَ الْخَيْفِ بِمِنًى لِلصَّلَوَاتِ فَهُوَ أَفْضَلُ وَلَوْ طَافَ لِلْإِفَاضَةِ يَوْمَ جُمُعَةٍ فَالْأَفْضَلُ عَوْدُهُ إلَى مِنًى قَبْلَ صَلَاتِهَا (فَوْقَ الْعَقَبَةِ) بَيَانٌ لِمِنًى فَحَدُّهَا مِنْ جِهَةِ مَكَّةَ الْعَقَبَةُ وَمِنْ جِهَةِ مُزْدَلِفَةَ وَادِي مُحَسِّرٍ، وَاحْتُرِزَ بِفَوْقِ الْعَقَبَةِ عَنْ أَسْفَلِهَا مِنْ جِهَةِ مَكَّةَ فَلَيْسَ مِنْ مِنًى وَصِلَةُ الْمَبِيتِ قَوْلُهُ (ثَلَاثًا) مِنْ اللَّيَالِيِ إنْ لَمْ يَتَعَجَّلْ.
(وَإِنْ تَرَكَ) الْمَبِيتَ بِهَا وَبَاتَ أَسْفَلَ الْعَقَبَةِ جِهَةَ مَكَّةَ أَوْ بِوَادِي مُحَسِّرٍ جِهَةَ عَرَفَةَ أَوْ عَنْ يَمِينِ مِنًى أَوْ شِمَالِهَا (جُلَّ لَيْلَةٍ فَ) عَلَيْهِ (دَمٌ) وَأَوْلَى لَيْلَةً كَامِلَةً فَأَكْثَرَ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لِضَرُورَةٍ كَخَوْفِهِ عَلَى مَتَاعِهِ وَهُوَ مُقْتَضَى رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيمَنْ حَبَسَهُ مَرَضٌ فَبَاتَ بِمَكَّةَ أَنَّ عَلَيْهِ هَدْيًا وَإِنْ لَمْ يَأْثَمْ.
(أَوْ) لِلْمَبِيتِ بِهَا (لَيْلَتَيْنِ إنْ تَعَجَّلَ) وَيَجْرِي فِيهِ قَوْلُهُ وَإِنْ تَرَكَ جُلَّ لَيْلَةٍ فَدَمٌ وَيَجُوزُ التَّعْجِيلُ إنْ أَرَادَ أَنْ يَبِيتَ اللَّيْلَةَ الثَّالِثَةَ بِغَيْرِ مَكَّةَ بَلْ (وَلَوْ بَاتَ) الْمُتَعَجِّلُ اللَّيْلَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute