للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَظَلُّلٌ بِبِنَاءٍ وَخِبَاءٍ

ــ

[منح الجليل]

جَرَيَانُهُمَا فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ أَيْضًا وَلَا يَجُوزُ لُبْسُهُ لِمُحْرِمٍ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ إزَارًا. وَبَحَثَ ابْنُ غَازِيٍّ فِي الرِّوَايَتَيْنِ بِأَنَّ كَلَامَهُ فِي مَنَاسِكِهِ وَنَحْوِهِ لِلْبَاجِيِّ يُفِيدُ أَنَّ الْجَوَازَ قَوْلٌ لِغَيْرِ الْإِمَامِ لَا رِوَايَةٌ عَنْهُ. وَرَوَى مُحَمَّدٌ مَنْ لَمْ يَجِدْ مِئْزَرًا فَلَا يَلْبَسُ السَّرَاوِيلَ وَلَوْ افْتَدَى، وَفِيهِ جَاءَ النَّهْيُ وَنَحْوُهُ فِي النَّوَادِرِ. وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَلْبَسُهُ وَيَفْتَدِي نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ.

وَخَرَّجَ مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ «سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَخْطُبُ وَيَقُولُ السَّرَاوِيلُ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْإِزَارَ، وَالْخُفَّانِ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ النَّعْلَيْنِ» . وَقَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْمُوَطَّإِ فِي السَّرَاوِيلِ لَمْ يَبْلُغْنِي هَذَا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا مِنْ الْأَحَادِيثِ الَّتِي نَصَّ الْإِمَامُ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَبْلُغْهُ إذَا قَالَ أَهْلُ الصِّنَاعَةِ إنَّهَا صَحَّتْ فَيَجِبُ عَلَى مُقَلِّدِي الْإِمَامِ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الْعَمَلُ بِهَا كَهَذَا الْحَدِيثِ وَحَدِيثِ أَذِنَ الْإِمَامُ لِأَهْلِ الْعَوَالِي إذَا وَافَقَ الْعِيدُ الْجُمُعَةَ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ وَابْنَ غَازِيٍّ.

وَيُؤَيِّدُ هَذَا قَوْلَ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي رِوَايَةِ رَبِيبَةِ مَعْنِ بْنِ عِيسَى قَالَ سَمِعْت مَالِكًا " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " يَقُولُ إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أُخْطِئُ وَأُصِيبُ، فَانْظُرُوا فِي رَأْيِي فَمَا وَافَقَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ فَخُذُوا بِهِ، وَمَا لَمْ يُوَافِقْ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ مِنْ ذَلِكَ فَاتْرُكُوهُ اهـ. ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ كَانَ مَعْنٌ أَشَدَّ النَّاسِ مُلَازَمَةً لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". وَقَالَ الرَّازِيّ أَوْثَقُ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَأَثْبَتُهُمْ مَعْنٌ وَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ ابْنِ نَافِعٍ وَابْنِ وَهْبٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " قَالَ الْحَمِيدِيُّ حَدَّثَنِي مَنْ لَمْ تَرَ عَيْنِي مِثْلَهُ وَهُوَ مَعْنٌ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ الْأَئِمَّةُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَالْحُمَيْدِيُّ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَغَيْرُهُمْ وَأَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

(وَ) جَازَ (تَظَلُّلٌ بِبِنَاءٍ) كَحَائِطٍ وَسَقْفٍ (وَخِبَاءٍ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مَمْدُودًا أَيْ خَيْمَةٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يَثْبُتُ إلَّا زَمَنَ وُقُوفِ عَرَفَةَ فَيُكْرَهُ التَّظَلُّلُ مِنْ الشَّمْسِ قَالَهُ فِي الشَّامِلِ، وَلَعَلَّهُ لِتَكْثِيرِ الثَّوَابِ كَاسْتِحْبَابِ الْقِيَامِ بِهِ إلَّا لِتَعِبٍ. الْبُنَانِيُّ مِثْلُهُ فِي الْمَنَاسِكِ وَنَقَلَهُ الْحَطّ عَنْ النَّوَادِرِ وَانْظُرْهُ مَعَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ الْمَنْعُ لَا الْكَرَاهَةُ؛ وَنَصُّهُ مِنْ النَّوَادِرِ وَلَا يَسْتَظِلُّ فِي الْبَحْرِ وَلَا يَوْمَ عَرَفَةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَرِيضًا فَيَفْتَدِي. الْمَازِرِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>