وَتَطَيُّبٌ بِكَوْرَسٍ وَإِنْ ذَهَبَ رِيحُهُ، أَوْ لِضَرُورَةٍ كُحْلٍ وَلَوْ فِي طَعَامٍ
ــ
[منح الجليل]
وَالسَّاقَيْنِ لِعِلَّةٍ لَا فِدْيَةَ فِيهِ، وَاخْتَصَرَهَا ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ عَلَى الْوُجُوبِ مُطْلَقًا فِي الذِّرَاعَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ فَقَالَ لِيُحَسِّنَهُمَا أَوْ مِنْ عِلَّةٍ افْتَدَى، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ الذِّرَاعَانِ وَالسَّاقَانِ وَكَأَنَّهُمْ فَهِمُوا أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ بَقِيَّةِ الْجَسَدِ سِوَى بَطْنِ الْكَفِّ وَالرِّجْلِ، وَأَمَّا دَهْنُ بَطْنِ الْكَفِّ وَالرِّجْلِ بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ لِعِلَّةٍ فَلَا فِدْيَةَ فِيهِ اتِّفَاقًا، فَتَحَصَّلَ أَنَّ الدَّهْنَ بِمُطَيِّبٍ فِيهِ الْفِدْيَةُ كَانَ لِعِلَّةٍ أَمْ لَا بِالْجَسَدِ أَوْ بَطْنِ كَفٍّ أَوْ رِجْلٍ، فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ، وَأَنَّ الدَّهْنَ بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ لِغَيْرِ عِلَّةٍ فِيهِ الْفِدْيَةُ فِي الْجَسَدِ أَوْ بَطْنِ كَفٍّ أَوْ رِجْلٍ، وَلِعِلَّةٍ لَا شَيْءَ فِيهِ بِبَطْنِ كَفٍّ أَوْ رِجْلٍ، وَفِي الْجَسَدِ فِيهِ قَوْلَانِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ أُخْرَى.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَفِي الْمَنَاسِكِ يُفِيدُ أَنَّ الْمُخَالَفَةَ بَيْنَ اخْتِصَارِ الْبَرَادِعِيِّ وَابْنِ أَبِي زَمَنِينَ فِي دَهْنِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ لِعِلَّةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إنَّمَا الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمَا فِي دَهْنِ السَّاقَيْنِ وَالذِّرَاعَيْنِ لَا فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ إذْ لَفْظُ الْأُمِّ فِي ذَلِكَ صَرِيحٌ لَا يَقْبَلُ الِاخْتِلَافَ اُنْظُرْهُ فِي الْحَطّ.
(وَ) حَرُمَ عَلَيْهِمَا (تَطَيُّبٌ بِكَوْرَسٍ) مِنْ كُلِّ طِيبٍ مُؤَنَّثٍ وَهُوَ مَا يَظْهَرُ رِيحُهُ وَيَتَعَلَّقُ أَثَرُهُ بِمَاسِّهِ وَالْوَرْسُ نَبْتٌ كَالسِّمْسِمِ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ صَبْغُهُ بَيْنَ الْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ يَبْقَى نَبْتُهُ فِي الْأَرْضِ عِشْرِينَ سَنَةً، وَدَخَلَ بِالْكَافِ زَعْفَرَانٌ وَمِسْكٌ وَكَافُورٌ وَعَنْبَرٌ وَعُودٌ. وَمَعْنَى تَطَيُّبِهِ بِهِ إلْصَاقُهُ بِالْبَدَنِ عُضْوًا أَوْ بَعْضَهُ أَوْ بِالثَّوْبِ، فَلَوْ عَبَقَ الرِّيحُ دُونَ الْعَيْنِ عَلَى جَالِسٍ بِحَانُوتِ عَطَّارٍ أَوْ بَيْتٍ تَطَيَّبَ أَهْلُهُ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ. وَيُكْرَهُ تَمَادِيهِ عَلَى ذَلِكَ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ.
وَبَالَغَ عَلَى الْحُرْمَةِ بِدُونِ فِدْيَةٍ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ ذَهَبَ رِيحُهُ) وَعَلَى هَذَا قُلْنَا شَيْءٌ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ وَلَا فِدْيَةَ فِيهِ وَهُوَ الطِّيبُ الْمُؤَنَّثُ ذَاهِبُ الرِّيحِ وَافْتَدَى إنْ تَطَيَّبَ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ (أَوْ) تَطَيَّبَ (لِضَرُورَةِ كُحْلٍ) فَفِيهِ الْفِدْيَةُ بِلَا إثْمٍ، هَذَا مُرَادُهُ بِهَاتَيْنِ الْمُبَالَغَتَيْنِ، وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ وَتَطَيَّبَ بِكَوْرَسٍ تَضَمَّنَ حُكْمَيْنِ الْحُرْمَةَ وَوُجُوبَ الْفِدْيَةِ فَالْمُبَالَغَةُ الْأُولَى نَاظِرَةٌ لِلْأَوَّلِ وَالثَّانِيَةُ نَاظِرَةٌ لِلثَّانِي (أَوْ) وُضِعَ (فِي طَعَامٍ) أَوْ شَرَابٍ مِنْ غَيْرِ طَبْخٍ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute