تَأْوِيلَانِ، فِي الظُّفْرِ الْوَاحِدِ، لَا لِإِمَاطَةِ الْأَذَى حَفْنَةٌ:
ــ
[منح الجليل]
مَسَاكِينَ أَوْ نُسُكٌ بِشَاةٍ فِيهِ (تَأْوِيلَانِ) فِي قَوْلِ الْإِمَامِ يَفْتَدِي، وَقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ مِنْ طَعَامٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - "، فَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي بِالْخِلَافِ لِلْبَاجِيِّ وَاللَّخْمِيِّ، وَالْأَوَّلُ بِالْوِفَاقِ لِغَيْرِهِمَا. وَتَرَدَّدَ ابْنُ يُونُسَ فِيهِمَا فَلَوْ قَالَ افْتَدَى وَهَلْ عَلَى ظَاهِرِهِ أَوْ حَفْنَةٌ لَكَانَ أَوْلَى. سَنَدٌ إذَا حَلَقَ الْمُحْرِمُ رَأْسَ حَلَالٍ فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْ شَيْئًا مِنْ الدَّوَابِّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمُذَهَّبِ، وَإِنْ قَتَلَ يَسِيرًا أَطْعَمَ شَيْئًا مِنْ طَعَامٍ وَكَثِيرًا أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ وَلَمْ يُدْرَ مَأْثَمٌ فَقَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " يَفْتَدِي، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُطْعِمُ اهـ.
وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى تَعْلِيلِ الْفِدْيَةِ بِقَتْلِ الْقَمْلِ، وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَسَنَدٍ وَاللَّخْمِيِّ. وَعَلَّلَهَا الْبَغْدَادِيُّونَ بِالْحَلْقِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ رُشْدٍ، وَعَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقْتُلَ قَمْلًا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا أَوْ يَتَحَقَّقَ نَفْيُهُ. وَعَلَى الْإِطْلَاقِ حَمَلَ سَالِمٌ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِنَاءً عَلَى التَّعْلِيلِ بِالْحَلْقِ وَصَوَّبَهُ طفي. الْبُنَانِيُّ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَالصَّوَابُ حَمْلُهُ عَلَى التَّفْصِيلِ لِتَعْلِيلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِقَتْلِ الْقَمْلِ كَمَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ، وَلِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ نَفْيُ الْقَمْلِ. وَلِقَوْلِ سَنَدٍ إنَّهُ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَلِقَوْلِهِمْ فِي تَقْلِيمِ الْمُحْرِمِ ظُفْرَ حَلَالٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ يُرَجِّحُ أَنَّ الْفِدْيَةَ لِلْقَمْلِ لَا لِلْحَلْقِ إذْ لَوْ كَانَتْ لِلْحَلْقِ لَوَجَبَتْ الْفِدْيَةُ هُنَا اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ.
(وَفِي) قَلْمِ (الظُّفْرِ الْوَاحِدِ لَا لِإِمَاطَةِ الْأَذَى) وَلَا لِانْكِسَارِهِ بِأَنْ قَلَّمَ الْمُحْرِمُ ظُفْرَ نَفْسِهِ عَبَثًا وَتَرَفُّهًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْحَطّ (حَفْنَةٌ) أَيْ: مِلْءُ يَدٍ وَاحِدَةٍ مِنْ طَعَامٍ مُتَوَسِّطَةٍ لَا مَقْبُوضَةٍ وَلَا مَبْسُوطَةٍ وَالْقَبْضَةُ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ مِلْؤُهَا مَقْبُوضَةً فَهِيَ دُونَ الْحَفْنَةِ، وَالْقَبْصَةُ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ الْأَخْذُ بِأَطْرَافِ الْأَصَابِعِ فَهِيَ، دُونَ الْقَبْضَةِ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، وَعَلَى هَذَا يُسْتَثْنَى مَا هُنَا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَالْفِدْيَةُ فِيمَا يُتَرَفَّهُ بِهِ، وَمَفْهُومُ الْوَاحِدِ أَنَّ فِي قَصِّ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ فِدْيَةً سَوَاءٌ كَانَ لِإِمَاطَةِ الْأَذَى أَمْ لَا إنْ أَبَانَهُمَا فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ أَوْ أَبَانَ الثَّانِي قَبْلَ الْإِخْرَاجِ لِلْأَوَّلِ وَإِلَّا فَفِي كُلٍّ حَفْنَةٌ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَلْمِ ظُفْرِ الْحَلَالِ أَوْ الْمُحْرِمِ بِإِذْنِهِ وَالْحَفْنَةُ أَوْ الْفِدْيَةُ عَلَى الْمَقْلُومِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالذَّخِيرَةِ، وَإِنْ أَكْرَهَهُ أَوْ قَلَّمَهُ وَهُوَ نَائِمٌ فَعَلَى الْقَالِمِ الْمُحْرِمِ أَوْ الْحَلَالِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute