وَلَمْ يَأْثَمْ إنْ فَعَلَ لِعُذْرٍ، وَهِيَ نُسُكٌ بِشَاةٍ فَأَعْلَى، أَوْ إطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلٍّ مُدَّانِ: كَالْكَفَّارَةِ
ــ
[منح الجليل]
الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا.
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تُعَدُّ طُولًا أَمْ لَا، وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الشَّارِحِينَ. وَفِي الْحَطّ عَنْ سَنَدٍ بَعْدَ ذِكْرِ الْقَوْلَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - " قَالَ فَمَرَّةً نَظَرَ إلَى حُصُولِ الْمَنْفَعَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَنَظَرَ مَرَّةً إلَى التَّرَفُّهِ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالطُّولِ. الْحَطّ هَذَا هُوَ التَّوْجِيهُ الظَّاهِرُ لَا مَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ إذْ لَيْسَ ذَلِكَ بِطُولٍ لِمَا عَلِمْت مِمَّا تَقَدَّمَ اهـ. وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ أَنَّ الطُّولَ كَالْيَوْمِ كَمَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ وَغَيْرِهِمَا وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ سَوَاءٌ طُولٌ فِي الصَّلَاةِ أَمْ لَا خِلَافًا لِمَا فِي عب عَنْ الشَّارِحِ. .
(وَلَمْ يَأْثَمْ) الْمُحْرِمُ (إنْ فَعَلَ) مُوجِبَ الْفِدْيَةِ (لِعُذْرٍ) حَاصِلٍ أَوْ خِيفَ حُصُولُهُ هَذَا قَوْلُ التَّاجُورِيِّ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ عب، وَأَقَرَّهُ الْبُنَانِيُّ. وَظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حُصُولِهِ وَمَفْهُومٌ لِعُذْرِ إثْمِهِ إنْ فَعَلَ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَلَا تَرْفَعُ الْفِدْيَةُ إثْمَهُ كَمَا أَنَّ الْعُذْرَ لَا يَرْفَعُ الْفِدْيَةَ (وَهِيَ) أَيْ: الْفِدْيَةُ (نُسُكٌ) بِضَمِّ النُّونِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ: عِبَادَةٌ مُضَافٌ أَوْ مُنَوَّنٌ مُبْدَلٌ مِنْهُ (شَاةٍ) بِالْجَرِّ عَلَى الْأَوَّلِ وَالرَّفْعِ عَلَى الثَّانِي، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِشَاةٍ الْبَدْرِ يُشْتَرَطُ فِيهَا سِنٌّ وَسَلَامَةُ الْأُضْحِيَّةِ كَمَا تُفِيدُهُ الْمُدَوَّنَةُ وَالظَّاهِرُ اشْتِرَاطُ ذَبْحِهَا وَأَنَّهُ لَا يُجْزِي إعْطَاؤُهَا لِلْمَسَاكِينِ حَيَّةً (فَأَعْلَى) أَيْ: أَفْضَلُ مِنْ الشَّاةِ وَهِيَ الْبَقَرَةُ، وَأَعْلَى مِنْ الْبَقَرَةِ الْبَدَنَةُ قَالَهُ الْبَاجِيَّ وَالْآبِيُّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَارْتَضَى أَبُو الْحَسَنِ فِي مَنْسَكِهِ أَنَّ الشَّاةَ أَفْضَلُ فَالْبَقَرَةُ فَالْبَدَنَةُ، فَعَلَى هَذَا مَعْنَى أَعْلَى أَكْثَرُ لَحْمًا وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا.
(أَوْ إطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ) أَيْ: لَا يَمْلِكُونَ قُوتَ عَامٍ فَشَمِلَ الْفُقَرَاءَ (لِكُلٍّ) مِنْهُمْ (مُدَّانِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مُثَنَّى مُدٍّ نَبَوِيٍّ مِلْءُ جِفَانٍ مُتَوَسِّطٍ لَا مَقْبُوضٍ وَلَا مَبْسُوطٍ فَهِيَ ثَلَاثَةُ آصُعٍ (كَالْكَفَّارَةِ) لِلْيَمِينِ فِي كَوْنِهَا مِنْ غَالِبِ قُوتِ أَهْلِ الْبَلَدِ لَا غَالِبِ قُوتِهِ، وَكَوْنُهَا بِمُدِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إذْ بِهِ تُؤَدَّى جَمِيعُ الْكَفَّارَاتِ سِوَى كَفَّارَةِ الظِّهَارِ الْبَدْرُ الظَّاهِرُ، أَنَّ الْمُشَبَّهَ بِهِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ وَيَأْتِي حُكْمُهَا فِي بَابِ الْيَمِينِ فِي قَوْلِهِ فَلَا تُجْزِئُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute