للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَشْرَةٌ لِآخِرِ الْحُدَيْبِيَةِ وَيَقِفُ سَيْلُ الْحِلِّ دُونَهُ تَعَرُّضُ بَرِّيٍّ، وَإِنْ تَأَنَّسَ أَوْ لَمْ يُؤْكَلْ، أَوْ طَيْرَ مَاءٍ.

وَجُزْأَهُ وَبَيْضَهُ،

ــ

[منح الجليل]

بَيْنَهُمَا مَرْحَلَتَانِ (عَشَرَةٌ) مِنْ الْأَمْيَالِ (لِآخِرِ الْحُدَيْبِيَةِ) بِشَدِّ التَّحْتِيَّةِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْمُحَدِّثِينَ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " بِالتَّخْفِيفِ، وَالْمُرَادُ لِآخِرِهَا مِنْ جِهَةِ الْحِلِّ، فَهِيَ مِنْ الْحَرَمِ قَالَهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَةٌ وَاحِدَةٌ.

(وَ) أَشَارَ لِسَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَحْدِيدُ الْحَرَمِ بِأَنَّهُ (يَقِفُ سَيْلُ الْحِلِّ دُونَهُ) أَيْ السَّيْلِ الْجَارِي مِنْ الْحِلِّ إلَى الْحَرَمِ لَا يَدْخُلُهُ وَأَمَّا السَّيْلُ الْجَارِي مِنْ الْحَرَمِ إلَى الْحِلِّ فَيَخْرُجُ إلَيْهِ وَهَذَا أَغْلَبِيٌّ فَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْأَزْرَقِيِّ يَدْخُلُهُ مِنْ جِهَةِ التَّنْعِيمِ، وَكَذَا قَوْلُ الْفَاكِهِيِّ مِنْ جِهَاتٍ أُخَرَ وَفَاعِلُ حَرُمَ (تَعَرُّضُ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ آخِرُهُ ضَادٌ مُعْجَمَةٌ حَيَوَانٍ (بَرِّيٍّ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ: مَنْسُوبٍ لِلْبَرِّ اُحْتُرِزَ بِهِ مِنْ الْبَحْرِيِّ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ التَّعَرُّضُ لَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} [المائدة: ٩٦] وَفِيهِ حُذِفَ النَّعْتُ أَيْ: وَحْشِيٍّ بِدَلِيلِ الْمُبَالَغَةِ إنْ اسْتَمَرَّ وَحْشِيًّا.

بَلْ (وَإِنْ تَأَنَّسَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ: تَطَبَّعَ بِطِبَاعِ الْإِنْسِيِّ وَشَمِلَ الْبَرِّيُّ الْجَرَادَ وَالضُّفْدَعَ الْبَرِّيَّ وَالسُّلَحْفَاةَ الْبَرِّيَّةَ الَّتِي مَقَرُّهَا فِي الْبَرِّ، وَإِنْ عَاشَتْ فِي الْمَاءِ بِخِلَافِ الْبَحْرِ يَأْتِ الَّتِي مَقَرُّهَا الْبَحْرُ، وَإِنْ عَاشَتْ فِي الْبَرِّ قَالَهُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا تَفْسِيرُ مَذْهَبِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَلَيْسَ مِنْ الصَّيْدِ الْكَلْبُ الْبَرِّيُّ قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ، وَسَوَاءٌ أُكِلَ لَحْمُ الْبَرِّيِّ (أَوْ لَمْ يُؤْكَلْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْكَافِ كَخِنْزِيرٍ وَقِرْدٍ وَسَوَاءٌ كَانَ مَمْلُوكًا أَوْ مُبَاحًا (أَوْ) كَانَ الْبَرِّيُّ (طَيْرَ مَاءٍ) أَيْ طَيْرًا بَرِّيًّا يُلَازِمُ الْمَاءَ لِأَكْلِهِ السَّمَكَ الصَّغِيرَ، وَلِذَا أُضِيفَ لِلْمَاءِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَا يَطِيرُ مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ لِإِبَاحَتِهِ لِلْمُحْرِمِ.

(وَ) حَرُمَ عَلَى الْمُحْرِمِ وَفِي الْحَرَمِ تَعَرُّضُ (بَيْضِهِ) أَيْ: الْبَرِّيِّ الْوَحْشِيِّ. (وَ) حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ وَفِي الْحَرَمِ (جُزْؤُهُ) أَيْ: الْبَرْيِ الْوَحْشِيِّ بِالزَّايِ، أَيْ: يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لِبَعْضِهِ أَيْضًا، وَضَبَطَهُ ابْن غَازِيٍّ بِالْجِيمِ وَالرَّاءِ، غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ وَبَيْضَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَرُمَ التَّعَرُّضُ لِبَيْضِهِ فَأَوْلَى لِجَرْوِهِ وَلِدُخُولِهِ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ بَرِّيٍّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>