وَفِي صَغِيرِهِمَا خِلَافٌ: كَعَادِي سَبُعٍ كَذِئْبٍ إنْ كَبُرَ: كَطَيْرٍ خِيفَ؛ إلَّا بِقَتْلِهِ، وَوَزَغًا لِحِلٍّ بِحَرَمٍ: كَأَنْ عَمَّ الْجَرَادُ وَاجْتَهَدَ،
ــ
[منح الجليل]
بِالْعَقْرَبِ الرُّتَيْلَى دَابَّةً صَغِيرَةً سَوْدَاءَ وَالزُّنْبُورَ.
وَفِي جَوَازِ قَتْلِ (صَغِيرِهِمَا) أَيْ: الْغُرَابِ وَالْحِدَأَةِ وَهُوَ مَا لَمْ يَصِلْ لِحَدِّ الْإِيذَاءِ نَظَرًا لِلَفْظِ غُرَابٍ وَحِدَأَةٍ، وَمَنَعَهُ نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَهُوَ انْتِفَاءُ الْإِيذَاءِ. وَعَلَى هَذَا الْإِجْزَاءُ مُرَاعَاةً لِلْأَوَّلِ (خِلَافٌ) وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ (كَعَادِي سَبُعٍ) كَأَسَدٍ وَنَمِرٍ وَفَهْدٍ وَبِهِ فَسَّرَ حَدِيثَ «اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِ كَلْبًا مِنْ كِلَابِك فَعَدَا عَلَيْهِ السَّبُعُ فَقَتَلَهُ وَهُوَ عُتَيْبَةُ بْنُ أَبِي لَهَبٍ» (كَذِئْبٍ) مِثَالٌ لِعَادِي السَّبُعِ فَيَجُوزُ قَتْلُهُ لَا تَذْكِيَتُهُ (إنْ كَبِرَ) بِكَسْرِ الْبَاءِ شَرْطٌ فِي جَوَازِ قَتْلِ كُلِّ عَادٍ وَلَا يُقَالُ قَاعِدَتُهُ إرْجَاعُ الشَّرْطِ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ؛ لِأَنَّهَا فِي كَافِ التَّشْبِيهِ لِإِفَادَةِ حُكْمٍ فِي غَيْرِ جِنْسِ الْمُشَبَّهِ بِهِ لَا فِي كَافِ التَّمْثِيلِ بِبَعْضِ الْأَفْرَادِ، فَإِنْ صَغُرَ كُرِهَ قَتْلُهُ وَلَا جَزَاءَ فِيهِ.
وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ أَيْضًا فَقَالَ (كَطَيْرٍ) غَيْرِ غُرَابٍ وَحِدَأَةٍ (خِيفَ) مِنْهُ عَلَى نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ مَالٍ لَهُ بَالٌ وَلَا يَنْدَفِعُ وَلَا يُؤْمَنُ مِنْهُ (إلَّا بِقَتْلِهِ) فَيَجُوزُ قَتْلُهُ وَلَا جَزَاءَ فِيهِ (وَ) إلَّا (وَزَغَا) فَيَجُوزُ قَتْلُهُ (لِحِلٍّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ: غَيْرِ مُحْرِمٍ (بِحَرَمٍ) أَيْ: فِيهِ؛ لِأَنَّ شَأْنَهُ الْإِيذَاءُ، وَيُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ قَتْلُهُ مُطْلَقًا وَيُطْعِمُ شَيْئًا مِنْ طَعَامٍ مَعَ أَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ مَا جَازَ قَتْلُهُ فِي الْحَرَمِ جَازَ لِلْمُحْرِمِ قَتْلُهُ إلَّا أَنَّ الْإِمَامَ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - رَأَى أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهَا الْحَلَالُ فِي الْحَرَمِ لَكَثُرَتْ فِي الْبُيُوتِ وَحَصَلَ مِنْهَا الْإِضْرَارُ بِإِفْسَادِ مَا تَصِلُ إلَيْهِ، وَمُدَّةُ الْإِحْرَامِ قَصِيرَةٌ قَالَهُ فِي مَنْسَكِهِ.
وَفِي الشَّارِحِ يُمْنَعُ قَتْلَهَا الْمُحْرِمُ وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْكَرَاهَةِ عَلَى التَّحْرِيمِ. وَصَرَّحَ الْجُزُولِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ بِالْمَنْعِ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ بِالْكَرَاهَةِ. طفى الْمُرَادُ بِهَا التَّحْرِيمُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَإِذَا قَتَلَهَا الْمُحْرِمُ أَطْعَمَ كَسَائِرِ الْهَوَامِّ وَالْمَذْهَبُ كُلُّهُ عَلَى الْإِطْعَامِ.
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْجَزَاءِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ فَقَالَ (كَأَنْ عَمَّ الْجَرَادُ) أَيْ: كَثُرَ بِحَيْثُ لَا يُسْتَطَاعُ دَفْعُهُ فِعْلًا جَزَاءً وَلَا حُرْمَةَ فِي قَتْلِهِ لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ مِنْهُ (وَاجْتَهَدَ) الْمُحْرِمُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute