للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَحَمَامِ مَكَّةَ وَالْحَرَمِ وَيَمَامِهَا بِلَا حُكْمٍ،

ــ

[منح الجليل]

كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى غَيْرِ الْمَخُوفِ مِنْهَا إلَّا بِقَتْلِهِمَا وَإِلَّا فَلَا جَزَاءَ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي فِي التَّلْقِينِ.

وَشَبَّهَ فِي الشَّاةِ فَقَالَ (كَحَمَامِ مَكَّةَ) أَيْ: الْمَصِيدِ فِيهَا وَإِنْ كَانَ طَارِئًا عَلَيْهَا مِنْ الْحِلِّ (وَالْحَرَمِ) عَطْفٌ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ إلْحَاقًا لِغَيْرِهَا مِنْهُ بِهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْبَغَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهِ حُكُومَةٌ كَحَمَامِ الْحِلِّ الَّذِي صَادَهُ مُحْرِمٌ (وَيَمَامِهَا) أَيْ الْمَصِيدِ فِي الْحَرَمِ وَمِنْهُ مَكَّةُ وَإِنْ لَمْ يُولَدْ بِهِ، وَالدُّبْسِيُّ وَالْفَاخِتُ وَالْقُمَرِيُّ بِضَمِّ الْقَافِ وَذَاتُ الْأَطْوَاقِ كُلُّهَا حَمَامٌ قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ، وَفِيهَا أَنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِهِ وَتَجِبُ الشَّاةُ فِي حَمَامٍ وَيَمَامٍ الْحَرَمِ (بِلَا حُكْمٍ) كَالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ وَالْجَزَاءُ بِحُكْمِ عَدْلَيْنِ فَكَأَنَّهُ قَالَ إلَّا حَمَامَ مَكَّةَ فَشَاةٌ بِلَا حُكْمٍ لِخُرُوجِهِ عَنْ الِاجْتِهَادِ لِتَقَرُّرِهِ بِالدَّلِيلِ.

وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا جَارٍ فِي النَّعَامَةِ إلَخْ، فَلَوْ فَرَّقَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ بَيْنَ الْجَزَاءِ وَالصَّيْدِ بَوْنٌ عَظِيمٌ فِي الْقَدْرِ وَالصُّورَةِ لَمْ يُنْظَرْ إلَى تَفَاوُتِ أَفْرَادِ الصَّيْدِ وَبِأَنَّ تَفَاوُتَ أَفْرَادِ الْحَمَامِ يَسِيرٌ فَلَمْ يُعْتَبَرْ لَكَانَ حَسَنًا، وَقَدْ خَالَفَ حَمَامُ مَكَّةَ وَالْحَرَمِ وَيَمَامُهُمَا سَائِرَ الصَّيْدِ فِي أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مِثْلٌ، وَأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِحُكْمٍ، وَأَنَّهُ لَا إطْعَامَ فِيهِ خِلَافًا لِأَصْبَغَ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الشَّاةِ صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَكَانَ فِيهِ شَاةٌ؛ لِأَنَّهُ يَأْلَفُ النَّاسَ فَشَدَّدَ فِيهِ لِئَلَّا يَتَسَارَعَ النَّاسُ إلَى قَتْلِهِ، فَإِنْ اصْطَادَهُ حِلٌّ فِي الْحِلِّ وَمَاتَ بِاصْطِيَادِهِ أَوْ ذَكَّاهُ بَعْدَهُ خَارِجَ الْحَرَمِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَتَلَهُ مُحْرِمٌ فِي الْحِلِّ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ طَعَامًا أَفَادَهُ عبق.

الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الدِّيَاتِ الَّتِي تَقَرَّرَتْ بِالدَّلِيلِ أَيْ لِتَعَيُّنِهَا وَعَدَمِ التَّخْيِيرِ فِيهَا وَالْحُكْمُ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا فِيهِ تَخْيِيرٌ، وَهَذَا التَّوْجِيهُ ذَكَرَهُ الْجُزُولِيُّ، وَقَوْلُهُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ جَارٍ فِي النَّعَامَةِ وَنَحْوِهَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهَا فِيهَا التَّخْيِيرُ كَمَا تَقَدَّمَ فَلَمْ يَتَعَيَّنْ فِيهَا شَيْءٌ. وَقَوْلُهُ فَلَوْ فَرَّقَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ قَبْلَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ هُوَ نَصُّ ابْنِ الْمَوَّازِ، قَالَ لَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ فِي كُلِّ جَزَاءٍ حَتَّى جَزَاءِ الْجَرَادِ إلَّا حَمَامَ مَكَّةَ؛ لِأَنَّ مَا اُتُّفِقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>