هَدْيٌ، وَنُدِبَ إبِلٌ فَبَقَرٌ، ثُمَّ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ إحْرَامِهِ، وَصَامَ أَيَّامَ مِنًى
ــ
[منح الجليل]
صِيَامُ عَشْرَةِ أَيَّامٍ وَيُقَالُ لَهُ (هَدْيٌ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى أَنْوَاعِ النَّعَمِ (إبِلٌ) فَهُوَ أَفْضَلُ الْهَدَايَا (فَبَقَرٌ) يَلِي الْإِبِلَ فِي الْفَضْلِ فَضَأْنٌ فَمَعْزٌ فَحَذَفَ مَرْتَبَةً لَهَا نَوْعَانِ أَوَّلُهُمَا مُقَدَّمٌ نَدْبًا؛ لِأَنَّهَا لَا أَفْضَلِيَّةَ لَهَا؛ إذْ لَا مَرْتَبَةَ بَعْدَهَا.
(ثُمَّ) إنْ عَجَزَ عَنْ الدَّمِ (صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) أَوَّلَ وَقْتِهَا (مِنْ إحْرَامِهِ) بِالْحَجِّ إلَى يَوْمِ الْعِيدِ (وَ) إنْ فَاتَهُ صَوْمُهَا فِيمَا بَيْنَهُمَا (صَامَ أَيَّامَ مِنًى) الثَّلَاثَةَ الَّتِي تَلِي يَوْمَ الْعِيدِ وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ إلَيْهَا إلَّا لِعُذْرٍ، وَلَعَلَّ هَذَا حُكْمُهُ قَوْلُهُ وَصَامَ إلَخْ وَلَمْ يَقُلْ وَلَوْ أَيَّامَ مِنًى كَمَا قَالَهُ سَابِقًا. وَتَرَدَّدَ ابْنُ الْمُعَلَّى وَابْنُ فَرْحُونٍ فِي صَوْمِهَا أَيَّامَ مِنًى هَلْ هُوَ أَدَاءٌ أَوْ قَضَاءٌ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مَنْعِ تَأْخِيرِهِ إلَيْهَا وَكَوْنِهِ أَدَّاهُ، إذْ هُوَ كَالصَّلَاةِ فِي الضَّرُورِيِّ قَالَ فِيهِ وَأَثِمَ إلَّا لِعُذْرٍ وَالْكُلُّ أَدَاءٌ أَفَادَهُ عب.
طفي وَهُوَ قُصُورٌ مِنْهُمَا وَمِمَّنْ نَقَلَهُ عَنْهُمَا فَفِي الْمُنْتَقَى، قَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - إنَّ صِيَامَ أَيَّامِ مِنًى عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ، وَالْأَظْهَرُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ عَلَى وَجْهِ الْأَدَاءِ وَإِنْ كَانَ الصَّوْمُ قَبْلَهَا أَفْضَلَ كَوَقْتِ الصَّلَاةِ الَّذِي فِيهِ سَعَةٌ لِلْأَدَاءِ، وَإِنْ كَانَ أَوَّلُهُ أَفْضَلُ مِنْ آخِرِهِ وَنَحْوُهُ لِلَّخْمِيِّ وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ وَإِنْ أَيِسَ مِنْ وُجُودِ الْهَدْيِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ بِثَلَاثَةٍ لَا يَنْبَغِي تَأْخِيرُ صَوْمِهِ عَنْهَا، فَقَوْلُ عب وعج يَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ لِأَيَّامِ مِنًى لِغَيْرِ عُذْرٍ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَإِنْ نَسَبَاهُ لِبَعْضِ شُرَّاحِ الرِّسَالَةِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ وَلَمْ يَعْزُهُ لِأَحَدٍ.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الِاسْتِحْبَابُ كَمَالُ صَوْمِهَا قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَهُ أَنْ يَصُومَ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَوْمِ النَّحْرِ، فَإِنْ لَمْ يَصُمْهَا قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ أَفْطَرَ يَوْمَ النَّحْرِ وَصَامَ الْأَيَّامَ الثَّلَاثَةَ الَّتِي بَعْدَهُ. اهـ. فَلَوْ كَانَ صَوْمُهَا قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ وَاجِبًا وَيَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ مَا قَالَتْ وَلَهُ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَظْهَرَ مِنْ الْمَذْهَبِ كَمَالٌ قَالَ الْبَاجِيَّ إنَّ صِيَامَهَا قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ مُفَضَّلٌ لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute