للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَفِي النَّحْرِ طَعْنٌ بِلَبَّةٍ،

ــ

[منح الجليل]

تُؤْكَلُ سَوَاءٌ عَادَ عَنْ قُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ رَفَعَ اضْطِرَارًا أَوْ اخْتِيَارًا عَادَ الْأَوَّلُ أَوْ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ ذَكَاةٌ مُسْتَقِلَّةٌ. وَإِنْ كَانَتْ لَوْ تُرِكَتْ لَا تَعِيشُ لِإِنْفَاذِ مَقْتَلِهَا فَإِنْ عَادَ عَنْ قُرْبٍ أُكِلَتْ سَوَاءٌ رَفَعَ اضْطِرَارًا أَوْ اخْتِيَارًا، وَمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ مَنْفُوذَ الْمَقْتَلِ لَا تَعْمَلُ الذَّكَاةُ فِيهِ فَهُوَ فِي مَنْفُوذِهِ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ أَوْ بِهَا مَعَ الْبُعْدِ، وَإِنْ عَادَ عَنْ بُعْدٍ فَلَا تُؤْكَلُ رَفَعَ اضْطِرَارًا أَوْ اخْتِيَارًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقُرْبَ مُعْتَبَرٌ بِالْعُرْفِ، كَالْقُرْبِ فِيمَنْ سَلَّمَ قَبْلَ إكْمَالِ الصَّلَاةِ سَاهِيًا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ سِرَاجٍ وَنَصُّهُ: وَاَلَّذِي يَتَرَجَّحُ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ إنْ رَجَعَ فِي فَوْرِ الذَّبْحِ وَأَجْهَزَ صَحَّتْ الذَّكَاةُ كَمَنْ سَلَّمَ سَاهِيًا وَرَجَعَ بِالْقُرْبِ وَأَصْلَحَ، فَالْأَقْسَامُ ثَمَانِيَةٌ تُؤْكَلُ فِي سِتَّةٍ مِنْهَا دُونَ اثْنَيْنِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الرَّاجِحِ هُوَ الْأَوَّلَ أَوْ غَيْرَهُ، وَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ وَالتَّسْمِيَةِ إنْ عَادَ عَنْ بُعْدٍ أَوْ قُرْبٍ، وَكَانَ الثَّانِي غَيْرَ الْأَوَّلِ وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ لِذَلِكَ.

وَاسْتُفِيدَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الذَّابِحِ الِاتِّحَادُ فَيَجُوزُ وَضْعُ شَخْصَيْنِ آلَتَيْنِ عَلَى الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ وَذَبْحُهُمَا مَعًا بِنِيَّةٍ وَتَسْمِيَةٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَكَذَا وَضْعُ شَخْصٍ آلَةً عَلَى وَدَجٍ وَآخَرَ آلَةً عَلَى الْوَدَجِ الْآخَرِ وَقَطْعُهُمَا مَعًا الْوَدَجَيْنِ وَالْحُلْقُومَ، وَمَا تَقَدَّمَ فِي الرَّفْعِ اخْتِيَارًا مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ تَكْرَارِهِ وَإِلَّا فَلَا تُؤْكَلُ لِتَلَاعُبِهِ، وَمِثْلُ الرَّفْعِ إبْقَاءُ السِّكِّينِ فِي الْمَحَلِّ بِلَا قَطْعٍ بِهَا وَيَجْرِي تَفْصِيلُ الرَّفْعِ فِي النَّحْرِ وَالْعَقْرِ أَيْضًا، وَقَدْ يُشِيرُ لَهُ فِي الْعَقْرِ بِقَوْلِهِ بِلَا ظُهُورِ تَرْكٍ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَرَجَّحَهُ ابْنُ سِرَاجٍ، فَلِذَا حَمَلْنَا عَلَيْهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا تُؤْكَلُ مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْحَطّ، وَقِيلَ تُكْرَهُ، وَقِيلَ إنْ رَفَعَ مُعْتَقِدَ التَّمَامِ فَلَا تُؤْكَلُ وَإِنْ رَفَعَ مُخْتَبِرًا فَتُؤْكَلُ خَامِسُهَا عَكْسُهُ. (وَ) الذَّكَاةُ (فِي النَّحْرِ طَعْنٌ) مِنْ مُمَيِّزٍ تُوطَأُ أُنْثَاهُ (بِلَبَّةٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَشَدِّ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ: تَرْقُوَةٍ ابْنِ رُشْدٍ؛ لِأَنَّهُ مَحَلٌّ تَصِلُ الْآلَةُ لِلْقَلْبِ مِنْهُ فَيَمُوتُ بِسُرْعَةٍ وَلَوْ لَمْ يَقْطَعْ شَيْئًا مِنْ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ. ابْنُ غَازِيٍّ اُخْتُلِفَ هَلْ يَقْتَصِرُ فِي النَّحْرِ عَلَى اللَّبَّةِ دُونَ مَا عَدَاهَا كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ أَمْ لَا، وَيَصِحُّ النَّحْرُ فِيمَا بَيْنَ اللَّبَّةِ وَالْمَذْبَحِ وَالْأَوَّلُ هُوَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ الشُّيُوخِ الْبَاجِيَّ وَابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُمَا وَالثَّانِي مَذْهَبُ ابْنُ لُبَابَةَ وَاللَّخْمِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>