وَذَكَاةِ خُنْثَى، وَخَصِيٍّ، وَفَاسِقٍ.
ــ
[منح الجليل]
صَنَائِعَ الْكُفَّارِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الطَّهَارَةِ كَنَسْجِهِمْ كَمَا اخْتَارَهُ الْبِسَاطُ وَجَمَاعَةٌ وَاخْتَارَ ابْنُ عَرَفَةَ خِلَافَهُ. وَذَكَرَ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ أَنَّ جُبْنَ الْمَجُوسِ حَرَامٌ لِعَدَمِ تَوَقِّيهِمْ النَّجَاسَةَ قَطْعًا وَجُبْنُ أَهْلِ الْكِتَابِ حَلَالٌ وَمِثْلُهُ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَنْهُ الْبُنَانِيُّ أَنَافِحُ جَمْعُ إنْفَحَةٍ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَشَدِّ الْحَاءِ وَقَدْ تُكْسَرُ الْفَاءُ شَيْءٌ يُسْتَخْرَجُ مِنْ بَطْنِ الْجَدْيِ الرَّاضِعِ أَصْفَرُ فَيُعْصَرُ فِي صُوفِهِ فَيُغَلِّظُ اللَّبَنَ لِلْجُبْنِ،
(وَ) كُرِهَ (ذَكَاةُ) أَيْ: ذَبْحُ أَوْ نَحْرُ شَخْصٍ (خُنْثَى) مُشْكِلٍ (وَخَصِيٍّ) وَأَوْلَى مَجْبُوبٍ (وَفَاسِقٍ) لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ لِضَعْفِ الْأَوَّلَيْنِ وَنَقْصِ دِينِ الثَّالِثِ. وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ لِنُفُورِ النَّفْسِ مِنْ أَفْعَالِهِمْ، وَأَمَّا تَعْلِيلُ الْأَوَّلَيْنِ بِالضَّعَفَةِ فَنُقِضَ بِالْمَرْأَةِ وَالثَّالِثُ بِالْكَافِرِ قَالَهُ تت، قَدْ يُقَالُ الْمَرْأَةُ أَقْوَى مِنْ الْخَصِيِّ لِبَقَائِهَا عَلَى خِلْقَتِهَا، وَمِثْلُ الْمَرْأَةِ فِي عَدَمِ كَرَاهَةِ مُذَكَّاهَا الْأَغْلَفُ وَالْجُنُبُ وَالْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ وَالْأَخْرَسُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْفَاسِقِ وَالْكَافِرِ بِأَنَّ لِلْكَافِرِ دِينًا يُقَرُّ عَلَيْهِ بِالْجِزْيَةِ، بِخِلَافِ الْفَاسِقِ كَمَا عَلَّلُوا بِهِ جَوَازَ الْخِطْبَةِ عَلَى الْفَاسِقِ دُونَ الْكَافِرِ سَالِمٌ، وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ مُذَكَّى الْكَافِرِ لِنَفْسِهِ لَا يُكْرَهُ لَنَا أَكْلُهُ، وَيَدُلُّ لَهُ أَنَّ الْمَكْرُوهَ كَوْنُهُ جَزَّارًا فِي أَسْوَاقِ الْمُسْلِمِينَ لَا تَذْكِيَتُهُ لِنَفْسِهِ مُسْتَحِلَّةً. وَشَمِلَ الْفَاسِقُ تَارِكَ الصَّلَاةِ وَأَهْلَ الْبِدَعِ عَلَى الْقَوْلِ بِإِسْلَامِهِمْ، وَلَا تُكْرَهُ مِنْ نَصْرَانِيٍّ عَرَبِيٍّ أَوْ عَجَمِيٍّ أَجَابَ لِلْإِسْلَامِ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَلَا مِنْ امْرَأَةٍ وَصَبِيٍّ وَلَوْ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ. وَاَلَّذِي حَصَّلَهُ ابْنُ رُشْدٍ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ سِتَّةٌ لَا تَجُوزُ ذَكَاتُهُمْ وَسِتَّةٌ تُكْرَهُ وَسِتَّةٌ اُخْتُلِفَ فِيهِمْ، فَالسِّتَّةُ الَّذِينَ لَا تَجُوزُ ذَكَاتُهُمْ الصَّبِيُّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ وَالْمَجْنُونُ حَالَ جُنُونِهِ، وَالسَّكْرَانُ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجُوسِيُّ وَالْمُرْتَدُّ وَالزِّنْدِيقُ. وَالسِّتَّةُ الَّذِينَ تُكْرَهُ ذَكَاتُهُمْ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ وَالْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى وَالْخَصِيُّ وَالْأَغْلَفُ وَالْفَاسِقُ وَالْمُخْتَلَفُ فِيهِمْ تَارِكُ الصَّلَاةِ وَالسَّكْرَانُ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ، وَالْبِدْعِيُّ الْمُخْتَلَفُ فِي كُفْرِهِ، وَالْعَرَبِيُّ النَّصْرَانِيُّ، وَالنَّصْرَانِيُّ يَذْبَحُ لِلْمُسْلِمِ بِإِذْنِهِ وَالْأَعْجَمِيُّ يُجِيبُ لِلْإِسْلَامِ قَبْلَ بُلُوغِهِ اهـ. وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ وَنَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute