وَحَيَوَانٍ عُلِّمَ بِإِرْسَالٍ مِنْ يَدِهِ
ــ
[منح الجليل]
مِنْ الْفَاسِيِّينَ لِحُدُوثِ الرَّمْيِ بِهِ بِحُدُوثِ الْبَارُودِ وَاسْتَخْرَجَهُ حَكِيمٌ كَانَ يَسْتَعْمِلُ الْكِيمْيَاءَ فَفَرْقَعَ لَهُ فَأَعَادَهُ فَأَعْجَبَهُ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ هَذَا الْبَارُودَ فِي وَسَطِ الْمِائَةِ الثَّامِنَةِ وَأَفْتَى فِيهِ بِجَوَازِ الْأَكْلِ. أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُورِيُّ وَابْنُ غَازِيٍّ وَعَلِيُّ بْنُ هَارُونَ وَالْمَنْجُورُ وَالْعَارِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْفَاسِيُّ وَاخْتَارَهُ شَيْخُ الشُّيُوخِ عَبْدُ الْقَادِرِ الْفَاسِيُّ لِإِنْهَارِهِ وَإِجْهَازِهِ بِسُرْعَةٍ اللَّذَيْنِ شُرِعَتْ الذَّكَاةُ مِنْ أَجْلِهِ، قَالَ بَلْ الْإِنْهَارُ بِهِ أَبْلَغُ وَأَسْهَلُ مِنْ كُلِّ آلَةٍ يَقَعُ الْجُرْحُ بِهَا.
وَكَوْنُ الْجُرْحِ الْمُرَادُ بِهِ الشَّقُّ كَمَا قِيلَ وَصَفَهُ طَرْدِيٌّ غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِإِنَاطَةِ الْحُكْمِ بِهِ إذْ الْمُرَادُ مُطْلَقُ الْجَرْحِ سَوَاءٌ كَانَ شَقًّا أَوْ خَرْقًا كَمَا فِي مُحَدَّدِ الْمِعْرَاضِ، وَقِيَاسُهُ عَلَى الْبُنْدُقَةِ الطِّينِيَّةِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِوُجُودِ الْفَارِقِ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ وُجُودُ الْخَرْقِ وَالنُّفُوذِ فِي الرَّصَاصِ تَحْقِيقًا وَعَدَمُ ذَلِكَ فِي الْبُنْدُقَةِ الطِّينِيَّةِ، وَإِنَّمَا شَأْنُهَا الرَّضُّ وَالدَّمْغُ وَالْكَسْرُ وَمَا كَانَ هَذَا شَأْنُهُ لَا يُسْتَعْمَلُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْوَقْذِ الْمُحَرَّمِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ اهـ، مُخْتَصَرًا مِنْ خَطِّ عَبْدِ الْقَادِرِ الْفَاسِيِّ فِي جَوَابٍ لَهُ طَوِيلٍ.
(أَوْ) بِ (حَيَوَانٍ عُلِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا وَلَوْ مِنْ نَوْعِ مَا لَا يَقْبَلُ التَّعَلُّمَ كَأَسَدٍ وَنَمِرٍ وَنَسْرٍ وَأَوْلَى مَا يَقْبَلُهُ مِنْ كَلْبٍ وَبَازٍ وَسِنَّوْرٍ وَابْن عِرْسٍ وَذِئْبٍ، وَلَوْ كَانَ طَبْعُ الْمُعَلَّمِ بِالْفِعْلِ الْغَدْرُ كَدُبٍّ فَإِنَّهُ لَا يَمْسِكُ إلَّا لِنَفْسِهِ، قَالَ فِيهَا وَالْمُعَلَّمُ هُوَ الَّذِي إذَا أُرْسِلَ أَطَاعَ وَإِذَا زُجِرَ انْزَجَرَ، أَيْ: إلَّا الْبَازَ فَإِنَّهُ لَا يَنْزَجِرُ، وَعِصْيَانُ الْمُعَلَّمِ مَرَّةً لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مُعَلَّمًا كَمَا لَا يَكُونُ غَيْرُ الْمُعَلَّمِ مُعَلَّمًا بِطَاعَتِهِ مَرَّةً بَلْ الْمُعْتَبَرُ الْعُرْفُ فِي ذَلِكَ (بِإِرْسَالٍ مِنْ يَدِهِ) مَعَ نِيَّةٍ وَتَسْمِيَةٍ تَعَبُّدًا فَلَوْ وَجَدَ مَعَ جَارِحِهِ صَيْدًا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَوْ انْبَعَثَ قَبْلَ رُؤْيَةِ رَبِّهِ الصَّيْدَ وَلَوْ أَشْلَاهُ عَلَيْهِ أَثْنَاءَهُ وَهُوَ بِقُرْبِهِ، أَوْ رَآهُ وَلَمْ يُرْسِلْهُ، أَوْ أَرْسَلَهُ وَلَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ لَا يُؤْكَلُ فِي وَاحِدَةٍ مِنْ هَذَا إلَّا بِزَكَاةٍ، وَهُوَ غَيْرُ مَنْفُوذِ مَقْتَلٍ، وَلَوْ كَانَ لَا يَذْهَبُ إلَّا بِأَمْرِهِ فَالْمُرَادُ بِالْيَدِ حَقِيقَتُهَا، وَمِثْلُهَا إرْسَالُهُ مِنْ حِزَامِهِ أَوْ مِنْ تَحْتِ قَدَمِهِ إلَّا الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ وَالْمِلْكَ وَيَدُ خَادِمِهِ كَيَدِهِ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الَّذِي رَجَعَ لَهُ، وَقَالَ قَبْلَهُ يُؤْكَلُ إذَا أَرْسَلَهُ مِنْ غَيْرِ يَدِهِ وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُمَا فِيهَا وَاخْتَارَ غَيْرُ وَاحِدٍ كَاللَّخْمِيِّ مَا أَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ فَالْأَوْلَى ذِكْرُهُ لِقُوَّتِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute