أَوْ اضْطَرَبَ فَأَرْسَلَ وَلَمْ يُرَ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْمُضْطَرِبَ، وَغَيْرَهُ: فَتَأْوِيلَانِ.
ــ
[منح الجليل]
أَوْ اضْطَرَبَ) الْجَارِحُ عَلَى صَيْدٍ رَآهُ (فَأَرْسَلَ) الصَّائِدُ الْجَارِحَ عَلَى مَا اضْطَرَبَ هُوَ عَلَيْهِ (وَلَمْ يَرَ) الصَّائِدُ الصَّيْدَ الَّذِي اضْطَرَبَ الْجَارِحُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ الْمَكَانُ مَحْصُورًا كَغَارٍ أَوْ غَيْضَةٍ فَلَا يُؤْكَلُ مَا قَتَلَهُ أَوْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ الْجَارِحُ، قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا أُحِبُّ أَكْلَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ صَيْدًا أَوْ يَضْطَرِبُ عَلَى صَيْدٍ، وَيَأْخُذُ غَيْرَهُ إلَّا أَنْ يَتَيَقَّنَ أَنَّهُ أَخَذَ مَا اضْطَرَبَ عَلَيْهِ بِرُؤْيَةِ غَيْرِهِ لَهُ (إلَّا أَنْ يَنْوِيَ) الصَّائِدُ (الْمُضْطَرَبَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ: عَلَيْهِ فَحَذَفَ الْجَارَ، وَأَوْصَلَ الْمَفْعُولَ فَاسْتَتَرَ الضَّمِيرُ عَلَى مَا فِيهِ فَلَيْسَ فِيهِ حَذْفُ نَائِبِ الْفَاعِلِ الْعُمْدَةِ (وَغَيْرَهُ) أَيْ: الْمُضْطَرَبَ عَلَيْهِ (فَ) فِي الْأَكْلِ وَعَدَمِهِ (تَأْوِيلَانِ) أَحَدُهُمَا يُؤْكَلُ فَتُزَادُ هَذِهِ عَلَى قَوْلِهِمْ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ الصَّيْدِ إلَّا فِي غَارٍ وَغَيْضَةٍ بِأَنْ يُقَالَ وَإِلَّا فِيمَا اضْطَرَبَ عَلَيْهِ الْحَيَوَانُ الْمُعَلَّمُ وَنَوَى الصَّائِدُ الْمُضْطَرَبَ عَلَيْهِ وَغَيْرَهُ فَيُؤْكَلُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ كَالْمُحَقِّقِ.
وَالثَّانِي لَا يُؤْكَلُ عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ لَيْسَ كَالْمُحَقَّقِ قَالَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ لَا أُحِبُّ يَحْتَمِلُ الْكَرَاهَةَ وَالتَّحْرِيمَ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ وَكَلَامُ الْعُتْبِيَّةِ هَذَا الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ هُوَ مَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ؛ لِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ حَمَلَهُ عَلَى نِيَّةِ الْمُضْطَرَبِ عَلَيْهِ فَقَطْ، قَالَ: فَإِنْ نَوَاهُ وَغَيْرَهُ أَكَلَ لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ إنْ نَوَى جَمَاعَةً وَمَا وَرَاءَهَا مِمَّا لَمْ يَرَهُ أَكَلَ الْجَمِيعَ. ابْنُ عَرَفَةَ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى خِلَافِهَا وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ لَيْسَا عَلَى اصْطِلَاحِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَإِنَّمَا هُمَا عَلَى قَوْلِ الْعُتْبِيَّةِ لَا أُحِبُّ أَكْلَهُ هَلْ هُوَ عَلَى إطْلَاقِهِ فَيَكُونُ خِلَافًا لَهَا أَوْ مُقَيَّدٌ، فَيَكُونُ وِفَاقًا وَقَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ إلَخْ غَيْرُ صَوَابٍ؛ لِأَنَّ هَذَا الْبِنَاءَ لَيْسَ لِلتَّأْوِيلَيْنِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي الْخِلَافِ الَّذِي فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ؛ لِأَنَّهُ اخْتَلَفَ أَوَّلًا إذَا اضْطَرَبَ فَأَرْسَلَهُ عَلَى قَوْلَيْنِ: جَوَازُ الْأَكْلِ وَعَدَمُهُ وَهُمَا لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". وَالثَّانِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ مَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ. قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَلَوْ رَأَى الْجَارِحَ يَضْطَرِبُ وَلَمْ يَرَ الصَّائِدُ شَيْئًا فَأَرْسَلَهُ عَلَيْهِ فَأَجَازَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute