. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
فَإِنَّ الذَّبْحَ يُزِيلُ فَضَلَاتٍ مُؤْذِيَةٍ. فَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ إنْ تَحَقَّقَ ضَرَرُ فَضَلَاتِهِ أَوْ ظُنَّ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِ وَوَجَبَ إنْ خَافَ هَلَاكًا لَكَانَ وَجِيهًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ يَرُدُّ هَذَا أَمْرَانِ، أَحَدُهُمَا إيرَادُ حِلِّ الْمَيْتَةِ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ، الثَّانِي أَنَّ مَلْحَظَ ابْنِ عَرَفَةَ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَيْتَةً كَمَا قَالَ فَلِمَ الرُّخْصَةُ وَنَازَعَ فِي نَدْبِ الذَّبْحِ مَعَ أَنَّ الرُّخْصَةَ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَيْتَةً. وَذَكَرَ أَحْمَدُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ الْخِنْزِيرَ يَفْتَقِرُ لِلذَّكَاةِ وَذَكَاتُهُ عَقْرُهُ وَيَنْوِي بِهِ الذَّكَاةَ. الْفَاكِهَانِيُّ يُنْدَبُ لَهُ تَذْكِيَتُهُ وَلَمْ أَرَهُ مَنْصُوصًا اهـ.
قَوْلُهُ ذَكَاتُهُ عَقْرُهُ أَيْ: عِنْدَ نُدُودِهِ وَالْعَجْزِ عَنْهُ، وَأَمَّا عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَذَكَاتُهُ ذَبْحُهُ وَالْقِرْدُ يَجُوزُ اصْطِيَادُهُ بِنِيَّةِ الذَّكَاةِ عَلَى الْقَوْلِ بِإِبَاحَتِهِ قَالَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ أَدْخَلَتْ الْكَافُ الْفَوَاسِقَ أَيْ: الْمُتَقَدِّمَةَ فِي قَوْلِهِ إلَّا الْفَأْرَةَ وَالْحَيَّةَ إلَخْ، فَتَثْقُلُ لِإِذَايَتِهَا وَإِنْ كَانَتْ لَا يُمْنَعُ أَكْلُهَا، وَاحْتِيجَ لِإِدْخَالِهَا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهَا لَا تُصْطَادُ إلَّا بِنِيَّةِ ذَكَاتِهَا مِنْ قَوْلِهِ وَحَرُمَ اصْطِيَادُ مَأْكُولٍ إلَخْ.
وَلَوْ قَالَ إلَّا الْفَوَاسِقَ وَحَذَفَ الْخِنْزِيرَ لَكَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْمَأْكُولِ بِخِلَافِ الْفَوَاسِقِ، وَقَوْلُهُ تُسْتَحَبُّ ذَكَاتُهُ قَالَهُ الْوَقَّارُ إلَخْ. هَكَذَا نَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْهُ وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمِعْيَارِ بِأَنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ الْوَقَّارُ وُجُوبُ ذَكَاتِهِ لَا نَدْبُهَا وَنَصُّ مُخْتَصَرِ الْوَقَّارِ: وَإِذَا أَصَابَ الْمُضْطَرُّ مَيْتَةً أَوْ خِنْزِيرًا أَكَلَ مَا أَحَبَّ، فَإِنْ أَحَبَّ الْخِنْزِيرَ فَلَا يَأْكُلْهُ إلَّا ذَكِيًّا اهـ. فَظَاهِرُ قَوْلِهِ فَلَا يَأْكُلْهُ إلَّا ذَكِيًّا تَحَتُّمُ ذَكَاتِهِ، لَكِنْ صَرَّحَ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ بِالِاسْتِحْبَابِ. وَاعْتُرِضَ أَيْضًا عَلَى ابْنِ عَرَفَةَ فِي اسْتِشْكَالِهِ ذَكَاتَهُ بِأَنَّ الْخِنْزِيرَ حَالَ الضَّرُورَةِ مُبَاحٌ فَيُقَالُ حِينَئِذٍ هُوَ حَيَوَانٌ بَرِّيٌّ مُبَاحٌ وَكُلُّ حَيَوَانٍ كَذَلِكَ تَجِبُ ذَكَاتُهُ الْآيَةُ عَلَى الْمَيْتَةِ يُفِيدُ أَنَّ الرُّخْصَةَ تَعَلَّقَتْ بِهِ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَيْتَةً عَكْسُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ، وَقَوْلُهُ أَحَدُهُمَا إيرَادُ الْمَيْتَةِ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ هَذَا لَا يُرَدُّ؛ لِأَنَّ ذَكَاةَ الْمَيْتَةِ لَا تُمْكِنُ. وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْخِنْزِيرِ الْحَيِّ الَّذِي تُمْكِنُ ذَكَاتُهُ، وَقَوْلُهُ الثَّانِي مَلْحَظُ ابْنِ عَرَفَةَ إلَخْ لَا يَنْزِلُ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَلَا يُلَائِمُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute