وَتَعَمُّدُ إبَانَةِ رَأْسٍ. وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى عَدَمِ الْأَكْلِ. إنْ قَصَدَهُ أَوَّلًا.
ــ
[منح الجليل]
يُكْرَهُ وَيُؤْجَرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَعَلَى هَذَا حُمِلَ مَا وَرَدَ عَنْ الْإِمَامِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَلَا وَجْهَ لِإِبْقَاءِ الْمُصَنِّفِ عَلَى إطْلَاقِهِ وَجَعْلِهِ مُخَالِفًا.
(وَ) كُرِهَ (تَعَمُّدُ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الْمِيمِ مُشَدَّدَةً (إبَانَةِ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ أَيْ: فَصْلِ (رَأْسٍ) عَنْ بَدَنٍ حَالَ الذَّبْحِ؛ لِأَنَّهُ قَطْعٌ قَبْلَ الْمَوْتِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ مُجَرَّدَ تَعَمُّدِهَا مَكْرُوهٌ، وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ وَهُوَ خِلَافُ مَا فِيهَا فَلَوْ قَالَ وَإِبَانَةُ رَأْسٍ عَمْدًا لَسَلِمَ مِنْ هَذَا وَوَفَّقَهَا وَالْكَرَاهَةُ وَالْأَكْلُ عَلَى هَذَا سَوَاءٌ قَصَدَهَا مِنْ أَوَّلِ التَّذْكِيَةِ أَوْ فِي أَثْنَائِهَا أَوْ بَعْدَ تَمَامِهَا قَبْلَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ (وَتُؤُوِّلَتْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَالْهَمْزِ أَيْ: حُمِلَتْ الْمُدَوَّنَةُ (أَيْضًا) أَيْ كَمَا تُؤُوِّلَتْ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَالْأَكْلِ مُطْلَقًا وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ (عَلَى عَدَمِ الْأَكْلِ) لِلْحَيَوَانِ الَّذِي أُبِينَتْ رَأْسُهُ مِنْ جَسَدِهِ حَالَ ذَبْحِهِ (إنْ قَصَدَهُ) أَيْ: الذَّابِحُ الْإِبَانَةَ وَذَكَرَ ضَمِيرَهَا؛ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى الْفَصْلِ وَصِلَةُ قَصَدَهُ قَوْلُهُ (أَوَّلًا) بِفَتْحِ الْوَاوِ مُشَدَّدًا مُنَوَّنًا أَيْ: ابْتِدَاءً وَإِبَانَةً بِالْفِعْلِ، فَإِنْ قَصَدَ ابْتِدَاءَ ذَبْحِهِ، وَلَمَّا أَتَمَّهُ قَصَدَ الْإِبَانَةَ وَأَبَانَهُ فَتَوَكَّلَ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ.
وَقَوْلُهُ أَيْضًا يُفِيدُ أَنَّهَا تُؤُوِّلَتْ عَلَى الْأَوَّلِ، قَالَ الْبَدْرُ: وَلَمْ أَرَ مَنْ تَأَوَّلَهَا عَلَيْهِ وَفِي أَحْمَدَ وتت مَا يَرُدُّ هَذَا، وَلَمْ يَقُلْ تَأْوِيلَانِ لِرُجْحَانِ الْأَوَّلِ عِنْدَهُ، وَمَفْهُومُ تَعَمَّدَ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي النِّسْيَانِ وَالْجَهْلِ فِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَمَنْ ذَبَحَ فَتَرَامَتْ يَدُهُ إلَى أَنْ أَبَانَ الرَّأْسَ أُكِلَتْ إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ تَعَمَّدَ هَذَا وَبَدَأَ فِي قَطْعِهِ بِالْوَدَجَيْنِ وَالْحُلْقُومِ أُكِلَتْ لِنَخْعِهِ إيَّاهَا بَعْدَ تَمَامِ الذَّبْحِ وَأَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ فَتَرَامَتْ يَدُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ قَطْعَ رَأْسِهَا ابْتِدَاءً، وَقَوْلُهُ إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ قَطْعَ رَأْسِهَا ابْتِدَاءً وَلَمْ يُرِدْ إنْ تَعَمَّدَ التَّرَامِيَ؛ لِأَنَّهُ مَغْلُوبٌ عَلَيْهِ. ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ: إذَا نَخَعَهَا فِي ذَبْحِهِ مُتَعَمِّدًا مِنْ غَيْرِ جَهْلٍ وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute